للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ إِلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ الْعِلْمُ بِمَوْتِ الْمُوَكِّل حَتَّى يَصِحَّ الْعَزْلُ، لأَِنَّهُ لَوِ انْعَزَل قَبْل عِلْمِهِ كَانَ فِيهِ ضَرَرٌ، لأَِنَّهُ قَدْ يَتَصَرَّفُ تَصَرُّفَاتٍ فَتَقَعُ بَاطِلَةً. فَعَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ مَتَى تَصَرَّفَ قَبْل عِلْمِهِ نَفَذَ تَصَرُّفُهُ (١) .

وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ إِذَا كَانَ الْمُتَعَاقِدُ مَعَ الْوَكِيل حَاضِرًا فِي الْبَلَدِ الَّذِي مَاتَ فِيهَا الْمُوَكِّلُ، وَعَلِمَ أَنَّهُ يَتَعَاقَدُ مَعَ وَكِيلٍ بِأَنْ أَعْلَمَهُ الْوَكِيل بِذَلِكَ، أَوْ ثَبَتَ ذَلِكَ بِبَيِّنَةٍ، فَإِنَّهُ لاَ يَنْعَزِل إِلاَّ إِذَا عَلِمَ بِمَوْتِ الْمُوَكِّلِ، وَهُنَاكَ رِوَايَةٌ أُخْرَى عِنْدَهُمْ أَنَّهُ لاَ يُشْتَرَطُ الْعِلْمُ لِصِحَّةِ الْعَزْلِ، وَلَكِنَّ الأَْوَّل هُوَ الرَّاجِحُ عِنْدَهُمْ.

أَمَّا إِذَا لَمْ يَكُنِ الْمُتَعَاقِدُ مَوْجُودًا بِالْبَلَدِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ الْمُوَكِّلُ، أَوْ كَانَ مَوْجُودًا وَلَكِنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ بِالْوَكَالَةِ، فَإِنَّهُ لاَ يَنْعَزِل الْوَكِيل إِلاَّ إِذَا عَلِمَ بِوَفَاةِ مُوَكِّلِهِ (٢) .

ثَالِثًا: الْجُنُونُ:

١٧٩ - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي أَثَرِ طُرُوءِ الْجُنُونِ عَلَى الْمُوَكِّل أَوِ الْوَكِيل عَلَى الْوَكَالَةِ عَلَى أَقْوَالٍ:

فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَبَعْضُ الْحَنَابِلَةِ إِلَى أَنَّ الْوَكَالَةَ


(١) البدائع ٦ / ٥٤، وتكملة ابن عابدين ١ / ٢٧٦ـ٢٧٧، والمغي ٥ / ٢٤٢، ٢٤٣، والإنصاف ٥ / ٣٧٢،٣٧٣، ومغني المحتاج ٢ / ٢٣٢.
(٢) الشرح الكبير ٣ / ٣٩٦، وشرح الخرشي ٦ / ٨٦، وجواهر الإكليل ٢ / ١٣٢.