للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الدَّيْنِ وَكَذِبَهُ فِي التَّأْجِيل، فَإِنَّ الدَّيْنَ يَلْزَمُهُ حَالًّا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، وَهُوَ قَوْلٌ لِلْمَالِكِيَّةِ، لأَِنَّهُ أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ بِمَالٍ، وَادَّعَى حَقًّا لِنَفْسِهِ أَنْكَرَهُ الْمُقَرُّ لَهُ، فَالْقَوْل لِلْمُنْكِرِ بِيَمِينِهِ. (١)

وَالْقَوْل الآْخَرُ لِلْمَالِكِيَّةِ أَنَّ الْمُقِرَّ يَحْلِفُ، وَيُقْبَل قَوْلُهُ فِي التَّنْجِيمِ وَالتَّأْجِيل، وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي يَمِينِ الْمُقِرِّ، وَهَذَا أَحْوَطُ، وَبِهِ كَانَ يَقْضِي مُتَقَدِّمُو قُضَاةِ مِصْرَ (٢) وَهُوَ مَذْهَبُ كُلٍّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ.

ح - الاِسْتِدْرَاكُ فِي الإِْقْرَارِ:

٥٠ - قَال الْحَنَفِيَّةُ: إِنْ كَانَ الاِسْتِدْرَاكُ فِي الْقَدْرِ، فَهُوَ عَلَى ضَرْبَيْنِ: إِمَّا أَنْ يَكُونَ فِي الْجِنْسِ كَأَنْ يَقُول: لِفُلاَنٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ لاَ بَل أَلْفَانِ، فَعَلَيْهِ أَلْفَانِ وَهُوَ قَوْل الْجُمْهُورِ. وَقِيل: يَكُونُ عَلَيْهِ ثَلاَثَةُ آلاَفٍ، وَهُوَ قَوْل زُفَرَ وَهُوَ الْقِيَاسُ، وَالأَْوَّل اسْتِحْسَانٌ. وَجْهُ الاِسْتِحْسَانِ أَنَّ الإِْقْرَارَ إِخْبَارٌ، وَالْمُخْبَرُ عَنْهُ مَا يَجْرِي الْغَلَطُ فِي قَدْرِهِ أَوْ وَصْفِهِ عَادَةً، فَقُبِل الاِسْتِدْرَاكُ مَا لَمْ يَكُنْ مُتَّهَمًا فِيهِ. بِخِلاَفِ الاِسْتِدْرَاكِ فِي خِلاَفِ الْجِنْسِ لأَِنَّ الْغَلَطَ لاَ يَقَعُ فِيهِ عَادَةً. وَوَجْهُ الْقِيَاسِ أَنَّ قَوْلَهُ: لِفُلاَنٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ إِقْرَارٌ بِأَلْفٍ وَهَذَا لاَ رُجُوعَ فِيهِ، وَالاِسْتِدْرَاكُ صَحِيحٌ، فَأَشْبَهَ الاِسْتِدْرَاكَ فِي خِلاَفِ الْجِنْسِ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ قَال لاِمْرَأَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً بَل ثِنْتَيْنِ، إِذْ يَقَعُ ثَلاَثَ تَطْلِيقَاتٍ.

وَإِنْ كَانَ الاِسْتِدْرَاكُ فِي صِفَةِ الْمُقَرِّ بِهِ، فَعَلَيْهِ


(١) الدر المختار ٤ / ٤٥٣، والهداية مع التكملة ٦ / ٢٩٧، وتبيين الحقائق ٥ / ٨.
(٢) التاج والإكليل ٥ / ٢٢٧، والشرح الصغير ٣ / ٥٣٣، وحاشية الدسوقي ٣ / ٤٠٤، وروضة الطالبين ٤ / ٣٩٨.