للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إِسْمَاعُ الْمُصَلِّي قِرَاءَةَ نَفْسِهِ:

٨ - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ أَقَل مَا يُجْزِئُ فِي حَالَةِ الإِْسْرَارِ قِرَاءَةٌ مَسْمُوعَةٌ يُسْمِعُهَا نَفْسَهُ لَوْ كَانَ سَمِيعًا، مِثْلَمَا هُوَ مُقَرَّرٌ فِي التَّكْبِيرِ لأَِنَّ مَا دُونَ ذَلِكَ لَيْسَ عِنْدَهُمْ بِقِرَاءَةٍ. وَنَصَّ الْمَالِكِيَّةُ عَلَى أَنَّ الْمَطْلُوبَ فِي حَالَةِ الإِْسْرَارِ أَنْ يُسْمِعَ الْمُصَلِّي قِرَاءَتَهُ نَفْسَهُ دُونَ غَيْرِهِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يَكْتَفِيَ فِيهَا - عِنْدَهُمْ - بِتَحْرِيكِ اللِّسَانِ بِالْقُرْآنِ دُونَ أَنْ يُلْزَمَ بِإِسْمَاعِ نَفْسِهِ، قَال ابْنُ الْقَاسِمِ: " تَحْرِيكُ لِسَانِ الْمُسِرِّ فَقَطْ يُجْزِئُهُ، وَلَوْ أَسْمَعَ أُذُنَيْهِ كَانَ أَحَبَّ إِلَيَّ. وَلاَ يُجْزِئُ مَا دُونَ ذَلِكَ كَالْقِرَاءَةِ بِالْقَلْبِ؛ لأَِنَّ تَحْرِيكَ اللِّسَانِ شَرْطٌ أَدْنَى فِي صِحَّةِ الْقِرَاءَةِ. قَال ابْنُ الْقَاسِمِ: كَانَ مَالِكٌ لاَ يَرَى مَا قَرَأَ بِهِ الرَّجُل فِي الصَّلاَةِ فِي نَفْسِهِ مَا لَمْ يُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَهُ قِرَاءَةً، وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ نُقِل عَنْ شُيُوخِ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّ مَنْ حَلَفَ أَنْ لاَ يَقْرَأَ فَقَرَأَ بِقَلْبِهِ لَمْ يَحْنَثْ. وَأَنَّ الْجُنُبَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَقْرَأَ الْقُرْآنَ بِقَلْبِهِ مَا لَمْ يُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَهُ (١) ".


(١) زروق على رسالة ابن أبي زيد القيرواني مع شرح ابن ناجي عليها ١ / ١٥٦، ١٧٩، ١٨٣، دار الفكر سنة ١٤٠٢ هـ، والتاج والإكليل لمختصر خليل ١ / ٥١٨، بهامش مواهب الجليل للحطاب. دار الفكر ط٢ سنة ١٣٩٨ هـ - ١٩٨٠م، والمدونة الكبرى ١ / ٦٥، والمغني مع الشرح الكبير ١ / ٥٥٩، دار الفكر، دمشق.