للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثَالِثًا: وَفَاءُ دَيْنِ الْمَيِّتِ:

٢١ - يَصِحُّ ضَمَانُ دَيْنِ الْمَيِّتِ وَوَفَاؤُهُ، وَهَذَا بِاتِّفَاقٍ إِذَا تَرَكَ الْمَيِّتُ مَا يُوَفَّى مِنْهُ دَيْنُهُ.

أَمَّا إِذَا كَانَ مُفْلِسًا وَلَمْ يَتْرُكْ وَفَاءً لِدَيْنِهِ فَجُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ - الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ - يَرَوْنَ صِحَّةَ ضَمَانِ دَيْنِ الْمَيِّتِ وَأَدَائِهِ وَإِنْ كَانَ مُفْلِسًا، لِحَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَإِنَّهُ ضَمِنَ دَيْنَ مَيِّتٍ لَمْ يُخَلِّفْ وَفَاءً، فَعَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَْكْوَعِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِجِنَازَةٍ لِيُصَلِّيَ عَلَيْهَا، فَقَال: هَل عَلَيْهِ مِنْ دَيْنٍ؟ قَالُوا: لاَ، فَصَلَّى عَلَيْهِ، ثُمَّ أُتِيَ بِجِنَازَةٍ أُخْرَى، فَقَال: هَل عَلَيْهِ مِنْ دَيْنٍ؟ قَالُوا: نَعَمْ، قَال: فَصَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ، قَال أَبُو قَتَادَةَ: عَلَيَّ دَيْنُهُ يَا رَسُول اللَّهِ. فَصَلَّى عَلَيْهِ (١) .

وَقَالُوا: لأَِنَّهُ لَوْ تَبَرَّعَ إِنْسَانٌ بِوَفَائِهِ جَازَ.

وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لاَ تَصِحُّ الْكَفَالَةُ بِدَيْنِ الْمَيِّتِ إِذَا كَانَ مُفْلِسًا، لأَِنَّهُ إِذَا لَمْ يَتْرُكْ وَفَاءً لِدَيْنِهِ فَقَدْ سَقَطَ دَيْنُهُ فِي حَقِّ أَحْكَامِ الدُّنْيَا، وَلاَ تَصِحُّ الْكَفَالَةُ بِدَيْنٍ سَاقِطٍ، لَكِنْ لَوْ تَبَرَّعَ شَخْصٌ بِوَفَائِهِ صَحَّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ أَيْضًا (٢) .


(١) حديث سلمة بن الأكوع: " أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي بجنازة. . . " أخرجه البخاري (فتح الباري ٤ / ٤٧٤) .
(٢) الدر المختار، وحاشية ابن عابدين ٤ / ٢٧٠، وفتح القدير ٦ / ٣١٧، والدسوقي ٣ / ٣٣١، ومغني المحتاج ٢ / ٢٠٠، والمغني ٤ / ٥٩٣.