للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَصْحَابُنَا: وَالْمُرَادُ بِتَحْسِينِهِ بَيَاضُهُ وَنَظَافَتُهُ وَسُبُوغُهُ وَكَثَافَتُهُ لاَ كَوْنُهُ ثَمِينًا، لِحَدِيثِ النَّهْيِ عَنِ الْمُغَالاَةِ الْمُتَقَدِّمِ.

وَقَال الْقَاضِي حُسَيْنٌ وَالْبَغَوِيُّ: الثَّوْبُ الْغَسِيل أَفْضَل مِنَ الْجَدِيدِ، وَدَلِيلُهُ حَدِيثُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: نَظَرَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِلَى ثَوْبٍ كَانَ يُمَرَّضُ فِيهِ، فَقَال: " اغْسِلُوا هَذَا وَزِيدُوا عَلَيْهِ ثَوْبَيْنِ وَكَفِّنُونِي فِيهَا، قُلْتُ: إِنَّ هَذَا خَلِقٌ: قَال: الْحَيُّ أَحَقُّ بِالْجَدِيدِ مِنَ الْمَيِّتِ "، وَهَذَا كُلُّهُ يَدُل عَلَى رُخْصِ الْكَفَنِ (١) .

الْمُغَالاَةُ فِي الْعِبَادَةِ:

٥ - يَنْبَغِي أَنْ يَقْتَصِدَ الْمُسْلِمُ فِي طَاعَةِ اللَّهِ، وَأَنْ يَكُونَ وَسَطًا بَيْنَ الْغُلُوِّ وَالتَّفْرِيطِ فِي عِبَادَةِ اللَّهِ، وَلاَ يُكَلِّفَ نَفْسَهُ بِمَا لاَ يُطِيقُ، لأَِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: إِيَّاكُمْ وَالْغُلُوَّ فِي الدِّينِ (٢) ، وَلأَِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا بَلَغَهُ خَبَرُ الثَّلاَثَةِ الَّذِينَ قَال أَحَدُهُمْ: إِنِّي لاَ أَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، وَقَال الثَّانِي: أَصُومُ وَلاَ أُفْطِرُ، وَقَال الثَّالِثُ: أَقُومُ وَلاَ أَنَامُ - خَطَبَ وَقَال: مَا بَال أَقْوَامٍ يَقُولُونَ


(١) حاشية ابن عابدين ١ / ٥٧٨ ط مصطفى الحلبي، والمنتقى شرح الموطأ ٢ / ٧، والمجموع شرح المهذب ٥ / ١٩٥ - ١٩٧، والقليوبي وعميرة ١ / ٣٤٦، وعون المعبود ٨ / ٤٣٠، وكشاف القناع ٢ / ١٠٤ - ١٠٥.
(٢) حديث: " إياكم والغلو في الدين " رواه أحمد (١ / ٢١٥) والحاكم في مستدركه (١ / ٤٤٦) ، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.