للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَبِالْمُصْحَفِ مَا لَمْ يُرِدْ بِهِ وَرَقَهُ وَجِلْدَهُ؛ لأَِنَّهُ عِنْدَ الإِْطْلاَقِ لاَ يَنْصَرِفُ عُرْفًا إِلاَّ لِمَا فِيهِ مِنَ الْقُرْآنِ. (١)

وَقَال الْحَنَابِلَةُ: الْحَلِفُ بِكَلاَمِ اللَّهِ تَعَالَى وَالْمُصْحَفِ وَالْقُرْآنِ وَالتَّوْرَاةِ وَالإِْنْجِيل وَالزَّبُورِ يَمِينٌ، وَكَذَا الْحَلِفُ بِسُورَةٍ أَوْ آيَةٍ. (٢)

ب - الْحَلِفُ بِالْحَقِّ، أَوْ حَقِّ اللَّهِ:

٣١ - لاَ شَكَّ أَنَّ الْحَقَّ مِنْ أَسْمَائِهِ تَعَالَى الْوَارِدَةِ فِي الْكِتَابِ الْكَرِيمِ وَالسُّنَّةِ الْمُطَهَّرَةِ، غَيْرَ أَنَّهُ لَيْسَ مِنَ الأَْسْمَاءِ الْمُخْتَصَّةِ بِهِ، وَقَدْ مَثَّل بِهِ الشَّافِعِيَّةُ لِلأَْسْمَاءِ الَّتِي تَنْصَرِفُ عِنْدَ الإِْطْلاَقِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَلاَ تَنْصَرِفُ إِلَى غَيْرِهِ إِلاَّ بِالتَّقْيِيدِ، فَعَلَى هَذَا مَنْ قَال: وَالْحَقِّ لأََفْعَلَنَّ كَذَا، إِنْ أَرَادَ اللَّهَ تَعَالَى أَوْ أَطْلَقَ كَانَ يَمِينًا بِلاَ خِلاَفٍ، وَإِنْ أَرَادَ الْعَدْل أَوْ أَرَادَ شَيْئًا مَا مِنَ الْحُقُوقِ الَّتِي تَكُونُ لِلإِْنْسَانِ عَلَى الإِْنْسَانِ قُبِل مِنْهُ ذَلِكَ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا.

٣٢ - وَأَمَّا (حَقٌّ) الْمُضَافُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، أَوْ إِلَى اسْمٍ أَوْ صِفَةٍ مِنَ الأَْسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ الَّتِي تَنْعَقِدُ الْيَمِينُ بِهَا فَفِيهِ خِلاَفٌ.

فَالْحَنَفِيَّةُ نَقَلُوا عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ مَنْ قَال: (وَحَقِّ اللَّهِ) يَكُنْ يَمِينًا. وَوَجَّهَهُ صَاحِبُ الْبَدَائِعِ بِأَنَّ حَقَّهُ تَعَالَى هُوَ الطَّاعَاتُ وَالْعِبَادَاتُ، فَلَيْسَ اسْمًا وَلاَ صِفَةً لِلَّهِ عَزَّ وَجَل.

وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى أَنَّهُ يَمِينٌ؛ لأَِنَّ الْحَقَّ مِنْ صِفَاتِهِ تَعَالَى، وَهُوَ حَقِيقَةٌ، فَكَأَنَّ الْحَالِفَ قَال: وَاللَّهِ الْحَقِّ، وَالْحَلِفُ بِهِ مُتَعَارَفٌ. وَاخْتَارَ


(١) نهاية المحتاج ٨ / ١٦٧.
(٢) مطالب أولي النهى ٦ / ٣٦١.