للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إِلَى اللَّهِ تَعَالَى بِجَاهِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى حَيًّا وَمَيِّتًا، وَيُرَادُ مِنَ الجَاهِ مَعْنًى يَرْجِعُ إِلَى صِفَةٍ مِنْ صِفَاتِهِ تَعَالَى، مِثْل أَنْ يُرَادَ بِهِ الْمَحَبَّةُ التَّامَّةُ الْمُسْتَدْعِيَةُ عَدَمَ رَدِّهِ وَقَبُول شَفَاعَتِهِ، فَيَكُونُ مَعْنَى قَوْل الْقَائِل: إِلَهِي أَتَوَسَّل بِجَاهِ نَبِيَّك صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تَقْضِيَ لِي حَاجَتِي. إِلَهِي اجْعَل مَحَبَّتَك لَهُ وَسِيلَةً فِي قَضَاءِ حَاجَتِي، وَلاَ فَرْقَ بَيْنَ هَذَا وَقَوْلِك: إِلَهِي أَتَوَسَّل بِرَحْمَتِك أَنْ تَفْعَل كَذَا، إِذْ مَعْنَاهُ أَيْضًا إِلَهِي اجْعَل رَحْمَتَك وَسِيلَةً فِي فِعْل كَذَا، وَالْكَلاَمُ فِي الْحُرْمَةِ (أَيِ الْمَنْزِلَةِ - وَالْمُرَادُ حُرْمَةُ النَّبِيِّ) كَالْكَلاَمِ فِي الْجَاهِ (١) .

د - التَّوَسُّل بِالنَّبِيِّ بَعْدَ وَفَاتِهِ:

اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي مَشْرُوعِيَّةِ التَّوَسُّل بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ وَفَاتِهِ كَقَوْل الْقَائِل: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُك بِنَبِيِّك أَوْ بِجَاهِ نَبِيَّك أَوْ بِحَقِّ نَبِيَّك، عَلَى أَقْوَالٍ:

الْقَوْل الأَْوَّل:

١١ - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ (الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَمُتَأَخِّرُو الْحَنَفِيَّةِ وَهُوَ الْمَذْهَبُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ) إِلَى جَوَازِ هَذَا النَّوْعِ مِنَ التَّوَسُّل سَوَاءٌ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ بَعْدَ وَفَاتِهِ (٢) .


(١) قاعدة جليلة ص٦٣، ٦٤ - ٩٥، وتفسير الألوسي ٦ / ١٢٨.
(٢) شرح المواهب ٨ / ٣٠٤، والمجموع ٨ / ٢٧٤ والمدخل ١ / ٢٤٨ وما بعدها، وابن عابدين ٥ / ٢٥٤، والفتاوى الهندية ١ / ٢٦٦، ٥ / ٣١٨، وفتح القدير ٨ / ٤٩٧ - ٤٩٨، والفتوحات الربانية على الأذكار النووية ٥ / ٣٦.