للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَأَمَّا حَقِيقَةُ التَّكْرَارِ الْمُشْتَرَطِ فِي تَحَقُّقِ الإِْصْرَارِ فَيُعْرَفُ مِنْ تَقْسِيمِ الزَّرْكَشِيِّ الإِْصْرَارَ إِلَى قِسْمَيْنِ:

(أَحَدِهِمَا) حُكْمِيٌّ، وَهُوَ الْعَزْمُ عَلَى فِعْل الصَّغِيرَةِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْهَا، فَهَذَا حُكْمُهُ حُكْمُ مَنْ كَرَّرَهَا فِعْلاً، بِخِلاَفِ التَّائِبِ مِنْهَا، فَلَوْ ذَهِل عَنْ ذَلِكَ وَلَمْ يَعْزِمْ عَلَى شَيْءٍ فَهَذَا هُوَ الَّذِي تُكَفِّرُهُ الأَْعْمَال الصَّالِحَةُ.

(وَالثَّانِي) الإِْصْرَارُ بِالْفِعْل، وَعَبَّرَ عَنْهُ بَعْضُهُمْ بِالْمُدَاوَمَةِ أَوِ الإِْدْمَانِ، وَعَنْ بَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ قَال: لاَ أَجْعَل الْمُقِيمَ عَلَى الصَّغِيرَةِ الْمَعْفُوِّ عَنْهَا مُرْتَكِبًا لِلْكَبِيرَةِ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ مُقِيمًا عَلَى الْمَعْصِيَةِ الْمُخَالِفَةِ أَمْرَ اللَّهِ دَائِمًا (١) ، وَنَحْوُهُ فِي الْمُغْنِي لاِبْنِ قُدَامَةَ (٢) .

أَثَرُ الْكَبِيرَةِ فِي إِحْبَاطِ الثَّوَابِ:

١٣ - لاَ خِلاَفَ فِي أَنَّ الشِّرْكَ الَّذِي هُوَ أَكْبَرُ الْكَبَائِرِ يُحْبِطُ الثَّوَابَ، قَال اللَّهُ تَعَالَى: {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} ، فَمَنْ أَشْرَكَ بِاللَّهِ بَعْدَ تَوْحِيدِهِ لَهُ تَعَالَى، أَوْ كَفَرَ مُرْتَدًّا عَنْ إِيمَانِهِ، أَوْ كَانَتْ كَبِيرَتُهُ اسْتِحْلاَل مُحَرَّمٍ أَوْ


(١) البحر المحيط للزركشي ٤ / ٢٧٤، ٢٧٧.
(٢) المغني لابن قدامة ١٠ / ٢٣٥ وذكر أن القاضي أبا يعلى ضبطه بالمداومة.