للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَلاَ كَبِيرَةَ مَعَ اسْتِغْفَارٍ كَمَا قَال السَّلَفُ. . . وَيَعْنُونَ بِالاِسْتِغْفَارِ التَّوْبَةَ بِشُرُوطِهَا، لاَ طَلَبَ الْمَغْفِرَةِ مَعَ بَقَاءِ الْعَزْمِ، فَإِنَّ ذَلِكَ لاَ يُزِيل كُبْرَ الْكَبِيرَةِ أَلْبَتَّةَ (١) .

وَقَدْ أَوْرَدَ الزَّرْكَشِيُّ فِي عِدَادِ الْكَبَائِرِ إِدْمَانَ الصَّغِيرَةِ (٢) .

وَخَالَفَ فِي هَذَا بَعْضُ الْفُقَهَاءِ، كَأَبِي طَالِبٍ الْقُضَاعِيِّ، حَيْثُ نَقَل عَنْهُ الزَّرْكَشِيُّ أَنَّ الإِْصْرَارَ لَهُ حُكْمُ مَا أَصَرَّ بِهِ عَلَيْهِ فَالإِْصْرَارُ عَلَى الصَّغِيرَةِ صَغِيرَةٌ (٣) .

وَاعْتِبَارُ الإِْصْرَارِ عَلَى الصَّغِيرَةِ كَبِيرَةً هُوَ مِنْ بَابِ الإِْلْحَاقِ كَمَا قَال الرَّمْلِيُّ، فَهُوَ لاَ يُصَيِّرُ الصَّغِيرَةَ كَبِيرَةً حَقِيقَةً، وَإِنَّمَا يُلْحِقُهَا بِهَا فِي الْحُكْمِ، وَبِعِبَارَةِ بَعْضِ الْحَنَفِيَّةِ مِنْ شُرَّاحِ الْمَنَارِ: الإِْصْرَارُ عَلَى الصَّغِيرَةِ هُوَ كَبِيرَةٌ لِغَيْرِهَا، أَمَّا الْكَبِيرَةُ بِالضَّابِطِ الأَْصْلِيِّ فَهِيَ كَبِيرَةٌ بِنَفْسِهَا (٤) .

جَاءَ فِي حَوَاشِي شَرْحِ الْمَنَارِ أَنَّ الإِْصْرَارَ تَكْرَارُ الْفِعْل تَكَرُّرًا يُشْعِرُ بِقِلَّةِ الْمُبَالاَةِ بِأَمْرِ الدِّينِ، وَقَال أَمِيرُ بَادْشَاهْ: الإِْصْرَارُ أَنْ تَتَكَرَّرَ مِنْهُ الصَّغِيرَةُ تَكْرَارًا يُشْعِرُ بِقِلَّةِ مُبَالاَتِهِ بِأَمْرِ دِينِهِ إِشْعَارَ ارْتِكَابِ الْكَبِيرَةِ بِذَلِكَ (٥) .


(١) الفروق للقرافي وحاشية ابن الشاط ٤ / ٦٧.
(٢) البحر المحيط ٤ / ٢٧٧.
(٣) البحر المحيط ٤ / ٢٧٧.
(٤) نهاية المحتاج ٨ / ٢٧٩، وشرح المنار وحواشيه ٢ / ٦٣٦.
(٥) حواشي شرح المنار نقلاً عن قمر الأقمار ٢ / ٦٣٦، وتيسير التحرير لأمير بادشاه ٣ / ٤٤، وتقرير التحبير لابن أمير حاج ٢ / ٢٤٢.