للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَآخَرُونَ: يُسَوُّونَ بَيْنَهُمَا فِي الصِّحَّةِ - مِنْهُمْ أَبُو عَلِيٍّ الطَّبَرِيُّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ - فَهُمْ لاَ يَنْظُرُونَ إِلَى تَعَلُّقِ حَقِّ أَجْنَبِيٍّ، بَل إِلَى أَنَّ الدَّيْنَ كَانَ قَائِمًا عِنْدَ عَقْدِ الْحَوَالَةِ عَلَى أَيَّةِ حَالٍ وَصَحَّتِ الْحَوَالَةُ وَبَرِئَتْ بِهَا ذِمَّةُ الْمُحِيل، فَلاَ يَضُرُّ سُقُوطُهُ بَعْدَ ثُبُوتِهِ، لأَِنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي الْبَقَاءِ مَا لاَ يُغْتَفَرُ فِي الاِبْتِدَاءِ.

وَالْقِيَاسُ الَّذِي كَانَ أَبُو عَلِيٍّ الطَّبَرِيُّ نَفْسُهُ يَتَعَلَّقُ بِهِ: هُوَ أَنَّ الْحَوَالَةَ بِالدَّيْنِ وَعَلَيْهِ، إِذَا طَرَأَ فَاسِخٌ لِسَبَبِ وُجُوبِهِ، تُقَاسُ عَلَى التَّصَرُّفِ فِي أَحَدِ عِوَضَيِ الْبَيْعِ، إِذَا طَرَأَ مَا يَفْسَخُهُ، كَمَا لَوِ اشْتَرَى زَيْدٌ بِثَوْبِهِ شَيْئًا مَا مِنْ عَمْرٍو، وَبَاعَ زَيْدٌ هَذَا الشَّيْءَ ثُمَّ رَدَّ عَلَيْهِ الثَّوْبَ بِعَيْبٍ، فَإِنَّ الصَّفْقَةَ الثَّانِيَةَ مَاضِيَةٌ. وَالْجَامِعُ فِي هَذَا الْقِيَاسِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا صَفْقَةٌ سَبَقَتْهَا أُخْرَى، فَلاَ يُؤَثِّرُ فِي الثَّانِيَةِ طُرُوءُ انْفِسَاخِ الأُْولَى. (١)

٤ - الاِنْتِهَاءُ بِالتَّوَى:

١٥٤ - التَّوَى فِي اللُّغَةِ: وِزَانُ الْهَوَى - وَقَدْ يُمَدُّ - التَّلَفُ وَالْهَلاَكُ. هَكَذَا عُمِّمَ فِي - الْمِصْبَاحِ - وَقَصَرَهُ صَاحِبُ - الصِّحَاحِ - عَلَى هَلاَكِ الْمَال. وَيُشْتَقُّ مِنْهُ فَيُقَال: تَوِيَ الْمَال - مِنْ بَابِ فَرِحَ - يَتْوَى، فَهُوَ تَوٍ وَتَاوٍ. (٢)


(١) البجيرمي على المنهج ٣ / ٢٣، والأشباه للسيوطي ١٢٤، والمهذب ١ / ٣٣٨ والمغني لابن قدامة ٥ / ٥٦ والفروع ٢ / ٦٢٧.
(٢) المغرب، وتاج العروس.