للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَيَتَرَتَّبُ عَلَى بَقَاءِ صِحَّتِهَا قَبْل الْقَبْضِ أَنَّ الْمُحَال عَلَيْهِ لاَ يَمْلِكُ الرُّجُوعَ عَلَى الْمُحِيل إِلاَّ بَعْدَ الدَّفْعِ.

وَيُفَرِّقُ الْحَنَابِلَةُ وَبَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ فِي ذَلِكَ بَيْنَ مَا قَبْل الْقَبْضِ وَبَعْدَهُ: فَبَعْدَ الْقَبْضِ لاَ تَبْطُل الْحَوَالَةُ عِنْدَهُمْ جَزْمًا، بَل يَتْبَعُ صَاحِبُ الْمَال مَالَهُ حَيْثُ كَانَ. أَمَّا قَبْل الْقَبْضِ فَعِنْدَهُمْ قَوْلاَنِ: بِالْبُطْلاَنِ وَبِعَدَمِهِ. (١)

أَمَّا أَشْهَبُ - وَهُوَ الَّذِي اعْتَمَدَ مُتَأَخِّرُو الْمَالِكِيَّةِ طَرِيقَتَهُ فِي الْمَسْأَلَةِ - فَيُطْلِقُ الْقَوْل هُنَا بِعَدَمِ الْبُطْلاَنِ، لأَِنَّ الْفَسْخَ عَارِضٌ - إِلاَّ أَنَّهُ يُبْطِل الْحَوَالَةَ بِالثَّمَنِ أَوْ عَلَيْهِ، إِذَا رَدَّ الْمَبِيعَ بِعَيْبٍ. (٢)

١٥٣ - وَالتَّفْرِقَةُ بَيْنَ الْحَوَالَةِ بِالدَّيْنِ وَالْحَوَالَةِ عَلَيْهِ، جَارِيَةٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَعَلَى قَوْل الْقَاضِي وَأَصْحَابِهِ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، وَمِنْ هَؤُلاَءِ وَهَؤُلاَءِ مُخَالِفُونَ: يُسَوُّونَ بَيْنَ الْحَوَالَةِ بِالدَّيْنِ وَالْحَوَالَةِ عَلَيْهِ فِي الْبُطْلاَنِ، لِمَا قَدَّمْنَاهُ هُنَاكَ، وَلاَ يَأْبَهُونَ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغَيْرِ، لِعَدَمِ فَائِدَةِ الْحَوَالَةِ. (٣)


(١) مغني المحتاج ٢ / ١٩٦ والمغني ٥ / ٥٦ والإنصاف ٥ / ٢٢٩.
(٢) وهذا الإبطال لا يتفق مع التأصيل الذي أصله، إلا إذا جرينا على أن الرد بالعيب رفع للعقد من أصله، لا من حينه، وهما قولان عند المالكية وغيرهم (الخرشي على خليل ٤ / ٢٣٦) .
(٣) المغني لابن قدامة ٥ / ٥٦.