للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لِيَبِيعَ لَهُ السِّلْعَةَ فِيهِ، فَخَالَفَ وَبَاعَهَا فِي زَمَنٍ آخَرَ فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِ هَذَا الْبَيْعِ الْمُخَالِفِ:

فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ وَلاَ يَلْزَمُ الْمُوَكِّل وَذَلِكَ لأَِنَّ الْمُوَكِّل قَدْ يُؤْثِرُ التَّصَرُّفَ فِي زَمَنِ الْحَاجَةِ إِلَيْهِ وَلاَ يُؤْثِرُهُ فِي زَمَنٍ آخَرَ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ، وَلأَِنَّ إِذْنَ الْمُوَكِّل لاَ يَتَنَاوَل تَصَرُّفَ الْوَكِيل الْمُخَالِفِ مِنْ جِهَةِ النُّطْقِ وَلاَ مِنْ جِهَةِ الْعُرْفِ. (١)

وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْمُوَكِّل مُخَيَّرٌ بَيْنَ إِمْضَاءِ الْبَيْعِ وَرَدِّهِ، وَلَهُ رَدُّ السِّلْعَةِ إِنْ كَانَتْ قَائِمَةً وَقِيمَتُهَا إِنْ كَانَتْ قَدْ فَاتَتْ. (٢)

الأَْمْرُ الرَّابِعُ: الْمُخَالَفَةُ فِي الْبَيْعِ لِمُشْتَرٍ مُعَيَّنٍ:

٨٩ - إِذَا حَدَّدَ الْمُوَكِّل لِوَكِيلِهِ مُشْتَرِيًا مُعَيَّنًا وَقَال لَهُ: لاَ تَبِعْ إِلاَّ لَهُ، فَخَالَفَ الْوَكِيل وَبَاعَ لِمُشْتَرٍ آخَرَ، فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِ هَذَا الْبَيْعِ:

فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ: (الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ) إِلَى أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ الْبَيْعُ سَوَاءٌ قَدَّرَ لَهُ الثَّمَنَ أَوْ لَمَ يُقَدِّرْهُ. لأَِنَّهُ قَدْ يَكُونُ لَهُ غَرَضٌ فِي تَمْلِيكِهِ الْمَبِيعَ دُونَ غَيْرِهِ، فَلاَ يَكُونُ الإِْذْنُ فِي الْبَيْعِ لَهُ إِذْنًا فِي الْبَيْعِ لِغَيْرِهِ. وَرُبَّمَا كَانَ مَالُهُ أَبْعَدَ عَنِ الشُّبْهَةِ.

غَيْرَ أَنَّ الشَّافِعِيَّةَ وَالْحَنَابِلَةَ قَالُوا: إِذَا عَلِمَ الْوَكِيل بِقَرِينَةٍ أَوْ صَرَاحَةً أَنَّ الْمُوَكِّل لاَ غَرَضَ لَهُ فِي عَيْنِ الْمُشْتَرِي جَازَ لَهُ الْبَيْعُ لِغَيْرِهِ. (٣)

وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْمُوَكِّل مُخَيَّرٌ بَيْنَ إِمْضَاءِ الْبَيْعِ وَرَدِّهِ، وَلَهُ رَدُّ السِّلْعَةِ إِنْ كَانَتْ بَاقِيَةً، أَمَّا إِنْ فَاتَتْ فَلَهُ رَدُّ قِيمَتِهَا. (٤)

الأَْمْرُ الْخَامِسُ: الْمُخَالَفَةُ بِتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ:

إِذَا أَمَرَ الْمُوَكِّل وَكِيلَهُ بَأَنْ يَبِيعَ سِلْعَةً مُعَيَّنَةً، فَخَالَفَ وَبَاعَ بَعْضَهَا فَقَطْ وَلَمْ يَبِعِ الْبَاقِي، أَوْ بَاعَ الْبَعْضَ ثُمَّ بَاعَ الْبَاقِي بَعْدَ ذَلِكَ. فَقَدْ فَرَّقَ الْفُقَهَاءُ بَيْنَ حَالَتَيْنِ:


(١) مغني المحتاج ٢ / ٢٢٧، والمغني ٥ / ٢٥١، والفتاوى الهندية ٣ / ٥٦٧، والبدائع ٧ / ٣٤٦٢، وتكملة ابن عابدين ٧ / ٣٣٦.
(٢) شرح الخرشي ٦ / ٧٣، والشرح الكبير مع حاشية الدسوقي ٣ / ٣٨٣.
(٣) المبسوط ١٩ / ٣٧، والفتاوى الهندية ٣ / ٥٩٠، والمهذب ١ / ٣٥٢، ومغني المحتاج ٢ / ٢٢٧، والمغني ٥ / ٢٥٢.
(٤) شرح الخرشي ٤ / ٢٩٠ - ٢٩١، ومواهب الجليل مع التاج والإكليل ٥ / ١٩٦.