للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

عُدَّةُ النَّاصِحِ:

١١ - نَقَل الْمَنَاوِيُّ أَنَّ النَّاصِحَ يَحْتَاجُ إِلَى عِلْمٍ كَبِيرٍ كَثِيرٍ، فَإِنَّهُ يَحْتَاجُ أَوَّلاً إِلَى عِلْمِ الشَّرِيعَةِ وَهُوَ الْعِلْمُ الْعَامُّ الْمُتَضَمِّنُ لأَِحْوَال النَّاسِ، وَعِلْمِ الزَّمَانِ، وَعِلْمِ الْمَكَانِ، وَعِلْمِ التَّرْجِيحِ إِذَا تَقَابَلَتِ الأُْمُورُ فَيَفْعَل بِحَسَبِ الأَْرْجَحِ عِنْدَهُ، وَهَذَا يُسَمَّى عِلْمَ السِّيَاسَةِ، فَإِنَّهُ يَسُوسُ بِذَلِكَ النُّفُوسَ الْجَمُوحَةَ الشَّارِدَةَ عَنْ طَرِيقِ مَصَالِحِهَا، فَلِذَلِكَ قَالُوا: يَحْتَاجُ النَّاصِحُ إِلَى عِلْمٍ وَعَقْلٍ وَفِكْرٍ صَحِيحٍ وَرُؤْيَةٍ حَسَنَةٍ وَاعْتِدَال مِزَاجٍ وَتُؤَدَةٍ وَتَأَنٍّ، فَإِنْ لَمْ تُجْمَعْ هَذِهِ الْخِصَال فَخَطَؤُهُ أَسْرَعُ مِنْ إِصَابَتِهِ فَلاَ يَنْصَحُ (١) .

النَّصِيحَةُ مِنْ مَكَارِمِ الأَْخْلاَقِ:

١٢ - قَال الْمَنَاوِيُّ: بِالنَّصِيحَةِ يَحْصُل التَّحَابُبُ وَالاِئْتِلاَفُ، وَبِضِدِّهَا يَكُونُ التَّبَاغُضُ وَالاِخْتِلاَفُ، وَأَقْصَى مُوجِبَاتِ التَّحَابُبِ أَنْ يَرَى الإِْنْسَانُ لأَِخِيهِ مَا يَرَاهُ لِنَفْسِهِ، ثُمَّ نَقَل قَوْل الْعُلَمَاءِ: مَا فِي مَكَارِمِ الأَْخْلاَقِ أَدَقُّ وَلاَ أَخْفَى وَلاَ أَعْظَمُ مِنَ النَّصِيحَةِ (٢) .

وَقَال ابْنُ عُلَيَّةَ فِي قَوْل أَبِي بَكْرٍ الْمُزَنِيِّ: مَا فَاقَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَصْحَابَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِصَوْمٍ وَلاَ صَلاَةٍ وَلَكِنْ بِشَيْءٍ كَانَ فِي قَلْبِهِ،


(١) فيض القدير ٦ / ٢٦٨
(٢) فيض القدير ٦ / ٢٦٨