للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

خَامِسًا - بَيْعُ الْعَيْنِ الْمُؤَجَّرَةِ:

٢٥ - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي بَيْعِ الْعَيْنِ الْمُسْتَأْجَرَةِ كَاخْتِلاَفِهِمْ فِي بَيْعِ الْمَرْهُونِ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ بِهِ إِلَى فَرِيقَيْنِ:

فَذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ (١) إِلَى أَنَّ بَيْعَ الْمُؤَجِّرِ الْعَيْنَ الْمُسْتَأْجَرَةَ لِغَيْرِ الْمُسْتَأْجِرِ يَقَعُ صَحِيحًا نَافِذًا مُعَلِّلِينَ قَوْلَهُمْ: بِأَنَّ الْبَيْعَ وَقَعَ عَلَى الْعَيْنِ، وَحَقُّ الْمُسْتَأْجِرِ فِي الْمَنْفَعَةِ، فَالْبَيْعُ قَدْ وَقَعَ عَلَى غَيْرِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ فِي الإِْجَارَةِ؛ وَلأَِنَّ ضَرَرَ الْمُسْتَأْجِرِ مَمْنُوعٌ؛ لأَِنَّ الضَّرَرَ يَحْصُل فِيمَا إِذَا كَانَ الْمُشْتَرِي سَيَتَسَلَّمُهَا مِنْ وَقْتِ الْعَقْدِ وَلَكِنَّهُ لَنْ يَتَسَلَّمَهَا إِلاَّ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ، فَلَيْسَ فِي بَيْعِهَا إِبْطَالٌ لِحَقِّ الْمُسْتَأْجِرِ.

وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ بَيْعَ الْمُسْتَأْجِرِ يَنْعَقِدُ صَحِيحًا مَوْقُوفًا عَلَى إِجَازَةِ الْمُسْتَأْجِرِ، وَذَلِكَ لِتَعَلُّقِ حَقِّهِ بِهِ كَيْ لاَ يَلْحَقُهُ ضَرَرٌ، وَحُجَّتُهُمْ قِيَاسُ بَيْعِ الْمُسْتَأْجَرِ عَلَى بَيْعِ الْمَرْهُونِ يَنْعَقِدُ مَوْقُوفًا عَلَى الإِْجَازَةِ، بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا قَدْ تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ الْغَيْرِ، كَالْمُسْتَأْجِرِ وَالْمُرْتَهِنِ، وَتَعَلُّقُ حَقِّ الْغَيْرِ بِالْمَحَل يَمْنَعُ نَفَاذَ الْعَقْدِ


(١) مواهب الجليل شرح مختصر سيدي خليل ٥ / ٤٠٨، وتحفة المحتاج ٦ / ١٩٩ لابن حجر طبعة بولاق، والإفصاح عن شرح معاني الصحاح ص٢٢٥ لأبي المظفر يحيى بن محمد الحنبلي - الطبعة الأولى سنة ١٣٤٧ بالمطبعة العلمية بحلب.