للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَنَّ الشَّارِعَ خَصَّ مِنَ الْمَكِيلاَتِ وَالْمَطْعُومَاتِ وَالأَْقْوَاتِ أَرْبَعَةَ أَشْيَاءَ، فَلَوْ كَانَ الْحُكْمُ ثَابِتًا فِي كُل الْمَكِيلاَتِ أَوْ فِي كُل الْمَطْعُومَاتِ لَقَال: لاَ تَبِيعُوا الْمَكِيل بِالْمَكِيل مُتَفَاضِلاً أَوْ: لاَ تَبِيعُوا الْمَطْعُومَ بِالْمَطْعُومِ مُتَفَاضِلاً، فَإِنَّ هَذَا الْكَلاَمَ يَكُونُ أَشَدَّ اخْتِصَارًا وَأَكْثَرَ فَائِدَةً، فَلَمَّا لَمْ يَقُل ذَلِكَ وَعَدَّ الأَْرْبَعَةَ عَلِمْنَا أَنَّ حُكْمَ الْحُرْمَةِ مَقْصُورٌ عَلَيْهَا. وَأَنَّ التَّعْدِيَةَ مِنْ مَحَل النَّصِّ إِلَى غَيْرِ مَحَل النَّصِّ لاَ تُمْكِنُ إِلاَّ بِوَاسِطَةِ تَعْلِيل الْحُكْمِ فِي مَوْرِدِ النَّصِّ وَهُوَ عِنْدَ نُفَاةِ الْقِيَاسِ غَيْرُ جَائِزٍ (١) .

عِلَّةُ تَحْرِيمِ الرِّبَا فِي الأَْجْنَاسِ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهَا:

٢١ - اتَّفَقَ عَامَّةُ الْفُقَهَاءِ عَلَى أَنَّ تَحْرِيمَ الرِّبَا فِي الأَْجْنَاسِ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهَا إِنَّمَا هُوَ لِعِلَّةٍ، وَأَنَّ الْحُكْمَ بِالتَّحْرِيمِ يَتَعَدَّى إِلَى مَا تَثْبُتُ فِيهِ هَذِهِ الْعِلَّةُ، وَأَنَّ عِلَّةَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَاحِدَةٌ، وَعِلَّةَ الأَْجْنَاسِ الأَْرْبَعَةِ الأُْخْرَى وَاحِدَةٌ. . ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي تِلْكَ الْعِلَّةِ.

٢٢ - فَقَال الْحَنَفِيَّةُ: الْعِلَّةُ: الْجِنْسُ وَالْقَدْرُ، وَقَدْ عُرِفَ الْجِنْسُ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ، وَالْحِنْطَةُ بِالْحِنْطَةِ (٢) وَعُرِفَ الْقَدْرُ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مِثْلاً بِمِثْلٍ وَيَعْنِي بِالْقَدْرِ الْكَيْل فِيمَا يُكَال


(١) المبسوط ١٢ / ١١٢، والمجموع ٩ / ٣٩٣، تفسير الرازي ٧ / ٩٢ - ٩٣، والمغني ٤ / ٥.
(٢) الحديث تقدم تخريجه ف / ١٠.