للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فِي أَرْضٍ اسْتَأْجَرَهَا لِلزِّرَاعَةِ، انْفَسَخَ الْعَقْدُ فِيهِمَا عِنْدَ الْبَعْضِ لِزَوَال الاِسْمِ؛ وَلأَِنَّ الْمَنْفَعَةَ الَّتِي وَقَعَ عَلَيْهَا الْعَقْدُ تَلِفَتْ، وَلاَ تَنْفَسِخُ عِنْدَ الآْخَرِينَ؛ لأَِنَّ الْمَنْفَعَةَ لَمْ تَبْطُل جُمْلَةً، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ نَقَصَ نَفْعُهَا مَعَ بَقَائِهَا. فَعَلَى هَذَا يُخَيَّرُ الْمُسْتَأْجَرُ بَيْنَ الْفَسْخِ وَالإِْمْضَاءِ. (١)

الاِنْفِسَاخُ فِي الْجُزْءِ وَأَثَرُهُ فِي الْكُل:

٢٧ - انْفِسَاخُ الْعَقْدِ فِي جُزْءٍ مِنَ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ بِسَبَبٍ مِنَ الأَْسْبَابِ يُؤَدِّي فِي بَعْضِ الأَْحْوَال إِلَى الاِنْفِسَاخِ فِي الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ كُلِّهِ. وَهَذَا إِنْ لَمْ يَكُنِ الْجُزْءُ الَّذِي يَنْفَسِخُ فِيهِ الْعَقْدُ قَدْ قُدِّرَ نَصِيبُهُ مِنَ الْعِوَضِ، أَوْ كَانَ فِي تَجْزِئَةِ الْعَقْدِ ضَرَرٌ بَيِّنٌ لأَِحَدِ الْعَاقِدَيْنِ، أَوْ يَجْمَعُ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ بَيْنَ مَا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَمَا لاَ يَجُوزُ، وَهَذَا مَا يُعَبِّرُ عَنْهُ الْفُقَهَاءُ بِتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ.

فَإِذَا جَمَعَ فِي الْعَقْدِ مَا يَجُوزُ عَلَيْهِ وَمَا لاَ يَجُوزُ يَبْطُل فِيمَا لاَ يَجُوزُ بِغَيْرِ خِلاَفٍ. وَهَل يَبْطُل فِي الْبَاقِي، يَخْتَلِفُ ذَلِكَ بِاخْتِلاَفِ الْعُقُودِ، وَإِمْكَانِ التَّجْزِئَةِ وَالاِجْتِنَابِ عَنْ إِلْحَاقِ الضَّرَرِ بِأَحَدِ الطَّرَفَيْنِ. وَفِي ذَلِكَ خِلاَفٌ وَتَفْصِيلٌ يُرْجَعُ إِلَيْهِ فِي مُصْطَلَحِ: (تَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ) .

٢٨ - وَمِنْ هَذَا الْقَبِيل مَا ذَكَرَ الْفُقَهَاءُ مِنَ الْمَسَائِل الآْتِيَةِ:

أ - إِنْ وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَى مَكِيلٍ أَوْ مَوْزُونٍ فَتَلِفَ بَعْضُهُ قَبْل قَبْضِهِ لَمْ يَنْفَسِخِ الْعَقْدُ فِي الْبَاقِي، وَيَأْخُذُ


(١) البدائع ٥ / ١٩٦، والزيلعي ٥ / ١٤٥، ١٤٦، والمغني ٥ / ٤٥٤، والشرح الصغير ٤ / ٤٩، والحطاب ٤ / ٤٣٣.