للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَدَخَلُوا الْمَدِينَةَ، وَخَلَّفُونِي فِي ظَهْرِهِمْ، قَال: فَأَصَابَنِي مَجَاعَةٌ شَدِيدَةٌ، قَال: فَمَرَّ بِي بَعْضُ مَنْ يَخْرُجُ مِنَ الْمَدِينَةِ فَقَالُوا لِي: لَوْ دَخَلْتَ الْمَدِينَةَ فَأَصَبْتَ مِنْ تَمْرِ حَوَائِطِهَا، فَدَخَلْتُ حَائِطًا، فَقَطَعْتُ مِنْهُ قِنْوَيْنِ، فَأَتَانِي صَاحِبُ الْحَائِطِ، فَأَتَى بِي إِلَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَخْبَرَهُ خَبَرِي، وَعَلَيَّ ثَوْبَانِ، فَقَال لِي: أَيُّهُمَا أَفْضَل؟ فَأَشَرْتُ لَهُ إِلَى أَحَدِهِمَا، فَقَال: خُذْهُ، وَأَعْطَى صَاحِبَ الْحَائِطِ الآْخَرَ، وَأَخْلَى سَبِيلِي (١) وَفِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْحَاجَةَ لاَ تُبِيحُ الإِْقْدَامَ عَلَى مَال الْغَيْرِ مَعَ وُجُودِ مَا يُمْكِنُ الاِنْتِفَاعُ بِهِ أَوْ بِقِيمَتِهِ، وَلَوْ كَانَ مِمَّا تَدْعُو حَاجَةُ الإِْنْسَانِ إِلَيْهِ، فَإِنَّهُ هُنَا أَخَذَ أَحَدَ ثَوْبَيْهِ، وَدَفَعَهُ إِلَى صَاحِبِ النَّخْل (٢) .

مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى قَاعِدَةِ تَحَرِّي الْحَلاَل فِي الأَْكْل:

أ - حُكْمُ الْمُضْطَرِّ:

٢٦ - مَنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ هَلاَكُ نَفْسِهِ، وَلَمْ يَجِدْ إِلاَّ مَيْتَةً أَوْ نَحْوَهَا مِنَ الْمُحَرَّمَاتِ أَوْ مَال الْغَيْرِ، لَزِمَهُ الأَْكْل مِنْهُ بِقَدْرِ مَا يُحْيِي نَفْسَهُ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلاَ تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} (٣) . وقَوْله تَعَالَى: {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ} أَيْ عَلَى مُضْطَرٍّ آخَرَ {وَلاَ


(١) حديث عمير قال " أقبلت مع سادتي. . . " أخرجه أحمد بن حنبل بهذا اللفظ من حديث عمير مولى أبي اللحم: وفي إسناده عبد الرحمن بن إسحاق تكلم فيه جماعة، وقال النسائي وابن خزيمة ليس به بأس ونقل الشوكاني قول الهيثمي: إن حديث عمير هذا أخرجه أحمد بإسنادين وأحدهما ابن لهيعة، وفي الآخر أبو بكر بن زيد بن المهاجر، ذكره ابن أبي حاتم ولم يذكر فيه حرجا ولا تعديلا: وبقية رجاله ثقات. مسند أحمد ٥٥ / ٢٢٣ ط الميمنية، ونيل الأوطار ٨ / ١٥٣ ط المطبعة العثمانية المصرية) .
(٢) نيل الأوطار ٩ / ١٣٢.
(٣) سورة البقرة / ١٩٥.