للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مُدَّةُ الطُّهْرِ:

٢٣ - يَرَى الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالثَّوْرِيُّ أَنَّ أَقَل الطُّهْرِ بَيْنَ الْحَيْضَتَيْنِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا، وَاسْتَدَل الْحَنَفِيَّةُ عَلَى ذَلِكَ بِقَوْل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَقَل الْحَيْضِ ثَلاَثَةٌ، وَأَكْثَرُهُ عَشَرَةُ أَيَّامٍ، وَأَقَل مَا بَيْنَ الْحَيْضَتَيْنِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا (١) مَنْقُولٌ عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، وَقَدْ قِيل: أَجْمَعَتِ الصَّحَابَةُ عَلَيْهِ؛ وَلأَِنَّهُ مُدَّةُ اللُّزُومِ، فَكَانَ كَمُدَّةِ الإِْقَامَةِ (٢) . وَاسْتَدَل الشَّافِعِيَّةُ عَلَى ذَلِكَ بِأَنَّ الشَّهْرَ غَالِبًا لاَ يَخْلُو عَنْ حَيْضٍ وَطُهْرٍ، وَإِذَا كَانَ أَكْثَرُ الْحَيْضِ - عَلَى رَأْيِهِمْ - خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا لَزِمَ أَنْ يَكُونَ أَقَل الطُّهْرِ كَذَلِكَ، وَلاَ حَدَّ لأَِكْثَرِ الطُّهْرِ بِالإِْجْمَاعِ، فَقَدْ لاَ تَحِيضُ الْمَرْأَةُ فِي عُمُرِهَا إِلاَّ مَرَّةً، وَقَدْ لاَ تَحِيضُ أَصْلاً.

وَيَرَى الْحَنَابِلَةُ أَنَّ أَقَل الطُّهْرِ بَيْنَ الْحَيْضَتَيْنِ ثَلاَثَةَ عَشَرَ، لِمَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ: " أَنَّ امْرَأَةً جَاءَتْهُ، وَقَدْ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا، فَزَعَمَتْ أَنَّهَا حَاضَتْ فِي شَهْرٍ ثَلاَثَ حِيَضٍ، طَهُرَتْ عِنْدَ كُل قُرْءٍ وَصَلَّتْ. فَقَال عَلِيٌّ لِشُرَيْحٍ: قُل فِيهَا. فَقَال شُرَيْحٌ: إِنْ جَاءَتْ بِبَيِّنَةٍ مِنْ بِطَانَةِ أَهْلِهَا، مِمَّنْ يُرْضَى دِينُهُ وَأَمَانَتُهُ، فَشَهِدَتْ بِذَلِكَ، وَإِلاَّ فَهِيَ كَاذِبَةٌ. فَقَال عَلِيٌّ: قالون " أَيْ جَيِّدٌ، بِالرُّومِيَّةِ. رَوَاهُ الإِْمَامُ أَحْمَدُ


(١) حديث: " أقل الحيض ثلاث وأكثره عشر، وأقل ما بين الحيضتين خمسة عشر يوما ". أخرجه ابن الجوزي في العلل المتناهية وفيه أبو داود النخعي وهو رواه. وروى أوله ببعض اختلاف الطبراني والدارقطني وإسناده ضعيف، وروى نحوه ابن عدي بإسناد واه. (الدراية١ / ٨٤١، ومجمع الزوائد١ / ٢٨٠)
(٢) فتح القدير١ / ١٥٥