للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَدْ بَيَّنَ ابْنُ قُدَامَةَ مَذْهَبَ الْحَنَابِلَةِ وَمُوَافَقَتَهُ لِلشَّافِعِيَّةِ فِي ذَلِكَ فَقَال: لَوِ اشْتَرَى رَجُلٌ مِنْ رَجُلَيْنِ شَيْئًا فَوَجَدَهُ مَعِيبًا فَلَهُ رَدُّهُ عَلَيْهِمَا فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا غَائِبًا رَدَّ عَلَى الْحَاضِرِ حِصَّتَهُ بِقِسْطِهَا مِنَ الثَّمَنِ وَيَبْقَى نَصِيبُ الْغَائِبِ فِي يَدِهِ حَتَّى يَقْدَمَ، وَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا بَاعَ الْعَيْنَ كُلَّهَا بِوَكَالَةِ الآْخَرِ فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ سَوَاءٌ أَكَانَ الْحَاضِرُ الْوَكِيل أَمِ الْمُوَكِّل نَصَّ أَحْمَدُ عَلَى قَرِيبٍ مِنْ هَذَا، فَإِنْ أَرَادَ نَصِيبَ أَحَدِهِمَا وَإِمْسَاكَ نَصِيبِ الآْخَرِ جَازَ لأَِنَّهُ يَرُدُّ عَلَى الْبَائِعِ جَمِيعَ مَا بَاعَهُ، وَلاَ يَحْصُل بِرَدِّهِ تَشْقِيصٌ، لأَِنَّ الْمَبِيعَ كَانَ مُشَقَّصًا فِي الْبَيْعِ (١) .

٤ - عِلْمُ الْعَاقِدِ الآْخَرِ بِالْفَسْخِ:

٣٧ - فَلَوْ فَسَخَ بِغَيْرِ عِلْمِهِ لَمْ يُعْتَبَرْ، وَكَانَ لَهُ الرُّجُوعُ عَنْ فَسْخِهِ وَكَانَ ذَلِكَ الْفَسْخُ مَوْقُوفًا.

إِنْ عَلِمَ بِهِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ نَفَذَ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ حَتَّى مَضَتِ الْمُدَّةُ كَانَ ذَلِكَ إِجَازَةً لِلْعَقْدِ.

وَيُعَبِّرُ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ عَنْ شَرِيطَةِ الْعِلْمِ هَذِهِ بِقَوْلِهِمْ: أَنْ يُجِيزَ - أَوْ يَفْسَخَ - فِي حَضْرَةِ صَاحِبِهِ، وَهُمْ مُجْمِعُونَ أَنَّ الْمُرَادَ مِنَ الْحَضْرَةِ الْعِلْمُ وَلَيْسَ الْحُضُورَ.

وَاشْتِرَاطُ الْعِلْمِ لِلْفَسْخِ فِي خِيَارِ الْعَيْبِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ أَئِمَّةِ الْحَنَفِيَّةِ. سَوَاءٌ أَكَانَ الرَّدُّ قَبْل الْقَبْضِ أَمْ بَعْدَهُ.

وَلَيْسَ الْعِلْمُ بِمُشْتَرَطٍ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ.


(١) المغني ٤ / ١٤٥.