للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

لِدَفْعِ شَرِّهِمْ، وَإِذَا أَمْكَنَ ذَلِكَ بِمُجَرَّدِ الْقَوْل كَانَ أَوْلَى مِنَ الْقِتَال (١) .

كَيْفِيَّةُ قِتَال الْبُغَاةِ:

١٤ - الأَْصْل أَنَّ قِتَالَهُمْ إِنَّمَا يَكُونُ دَرْءًا لِتَفْرِيقِ الْكَلِمَةِ، مَعَ عَدَمِ التَّأْثِيمِ؛ لأَِنَّهُمْ مُتَأَوِّلُونَ، وَلِذَا فَإِنَّ قِتَالَهُمْ يَفْتَرِقُ عَنْ قِتَال الْكُفَّارِ بِأَحَدَ عَشَرَ وَجْهًا: أَنْ يَقْصِدَ بِالْقِتَال رَدْعَهُمْ لاَ قَتْلَهُمْ، وَأَنْ يَكُفَّ عَنْ مُدْبِرِهِمْ، وَلاَ يُجْهِزَ عَلَى جَرِيحِهِمْ (٢) ، وَلاَ تُقْتَل أَسْرَاهُمْ، وَلاَ تُغْنَمُ أَمْوَالُهُمْ، وَلاَ تُسْبَى ذَرَارِيُّهُمْ، وَلاَ يُسْتَعَانُ عَلَيْهِمْ بِمُشْرِكٍ، وَلاَ يُوَادِعُهُمْ عَلَى مَالٍ، وَلاَ تُنْصَبُ عَلَيْهِمُ الْعَرَّادَاتُ (الْمَجَانِيقُ وَنَحْوُهَا) ، وَلاَ تُحَرَّقُ مَسَاكِنُهُمْ، وَلاَ يُقْطَعُ شَجَرُهُمْ (٣) .

وَإِذَا تَحَيَّزَ الْبُغَاةُ إِلَى جِهَةٍ مُجْتَمَعِينَ، أَوْ إِلَى جَمَاعَةٍ وَلَمْ يُمْكِنْ دَفْعُ شَرِّهِمْ إِلاَّ بِالْقِتَال، حَل قِتَالُهُمْ حَتَّى يَتَفَرَّقَ جَمْعُهُمْ، وَلَوْ أَمْكَنَ دَفْعُ شَرِّهِمْ بِالْحَبْسِ بَعْدَمَا تَأَهَّبُوا فَعَل ذَلِكَ؛ إِذِ الْجِهَادُ مَعَهُمْ وَاجِبٌ بِقَدْرِ مَا يَنْدَفِعُ بِهِ شَرُّهُمْ عَلَى مَا سَبَقَ. وَقَدْ قَاتَل عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَهْل حَرُورَاءَ بِالنَّهْرَوَانِ بِحَضْرَةِ الصَّحَابَةِ، تَصْدِيقًا لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لَهُ أَنَا أُقَاتِل عَلَى


(١) حاشية ابن عابدين ٣ / ٣١٠، والمغني ٨ / ١٠٨، ١٠٩.
(٢) وللحنفية تفصيل، وهذا سيذكر بعد.
(٣) التاج والإكليل ٦ / ٢٧٧، وحاشية الدسوقي ٤ / ٢٩٩، وحاشية الصاوي على الشرح الصغير ٤ / ٤٢٩.