للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْمَسَائِل، وَوَافَقَهُمُ الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فِي هَذِهِ الْقَاعِدَةِ مَعَ خِلاَفٍ وَتَفْصِيلٍ فِي بَعْضِ الْمَسَائِل. وَخَالَفَهُمُ الشَّافِعِيَّةُ فِي أَكْثَرِ الْمَسَائِل كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ عِنْدَ الْكَلاَمِ فِي: (اخْتِلاَفِ صِفَةِ الإِْمَامِ وَالْمُقْتَدِي) .

د - اتِّحَادُ صَلاَتَيِ الْمُقْتَدِي وَالإِْمَامِ:

١٣ - يُشْتَرَطُ فِي الاِقْتِدَاءِ اتِّحَادُ صَلاَتَيِ الإِْمَامِ وَالْمَأْمُومِ سَبَبًا وَفِعْلاً وَوَصْفًا، لأَِنَّ الاِقْتِدَاءَ بِنَاءُ التَّحْرِيمَةِ عَلَى التَّحْرِيمَةِ، فَالْمُقْتَدِي عَقَدَ تَحْرِيمَتَهُ لَمَّا انْعَقَدَتْ لَهُ تَحْرِيمَةُ الإِْمَامِ، فَكُل مَا تَنْعَقِدُ لَهُ تَحْرِيمَةُ الإِْمَامِ جَازَ الْبِنَاءُ عَلَيْهِ مِنَ الْمُقْتَدِي، وَعَلَى ذَلِكَ فَلاَ تَصِحُّ ظُهْرٌ خَلْفَ عَصْرٍ أَوْ غَيْرِهِ وَلاَ عَكْسُهُ، وَلاَ تَصِحُّ صَلاَةُ ظُهْرٍ قَضَاءً خَلْفَ ظُهْرٍ أَدَاءً، وَلاَ ظُهْرَيْنِ مِنْ يَوْمَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ، كَظُهْرِ يَوْمِ السَّبْتِ خَلْفَ ظُهْرِ الأَْحَدِ الْمَاضِيَيْنِ، إِذْ لاَ بُدَّ مِنَ الاِتِّحَادِ فِي عَيْنِ الصَّلاَةِ وَصِفَتِهَا وَزَمَنِهَا، وَهَذَا عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ: (الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ) وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: إِنَّمَا جُعِل الإِْمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ فَلاَ تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ. (١)

وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: مِنْ شُرُوطِ صِحَّةِ الْقُدْوَةِ تَوَافُقُ نَظْمِ صَلاَتَيْهِمَا فِي الأَْفْعَال الظَّاهِرَةِ، وَلاَ يُشْتَرَطُ اتِّحَادُ الصَّلاَتَيْنِ. وَعَلَى ذَلِكَ تَصِحُّ قُدْوَةُ مَنْ يُؤَدِّي الصَّلاَةَ بِمَنْ يَقْضِيهَا، وَالْمُفْتَرِضِ بِالْمُتَنَفِّل، وَمُؤَدِّي الظُّهْرِ بِالْعَصْرِ، وَبِالْمَعْكُوسِ. أَيْ الْقَاضِي بِالْمُؤَدِّي، وَالْمُتَنَفِّل بِالْمُفْتَرِضِ، وَفِي الْعَصْرِ بِالظُّهْرِ، نَظَرًا لاِتِّفَاقِ الْفِعْل فِي الصَّلاَةِ وَإِنِ اخْتَلَفَتِ النِّيَّةُ.


(١) البدائع ١ / ١٣٨، وابن عابدين ١ / ٣٧٠ - ٣٩٦، والهندية ١ / ٨٥، والدسوقي ١ / ٣٣٩، وجواهر الإكليل ١ / ٨٠، وكشاف القناع ١ / ٤٨٤ - ٤٨٥. والحديث سبق تخريجه ف / ١١.