للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَالَتِ الْحَنَفِيَّةُ: مَا وَرَدَ بِهِ السَّمْعُ مِنْ وَعْدِ الرِّزْقِ، وَوَعْدِ الثَّوَابِ عَلَى الطَّاعَةِ، وَعَلَى أَلَمِ الْمُؤْمِنِ، وَأَلَمِ طِفْلِهِ، حَتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا مَحْضُ فَضْلٍ وَتَطَوُّلٍ مِنْهُ تَعَالَى لاَ بُدَّ مِنْ وُجُودِهِ لِوَعْدِهِ الصَّادِقِ (١) .

تَفَاوُتُ الثَّوَابِ:

يَتَفَاوَتُ الثَّوَابُ قِلَّةً وَكَثْرَةً بِاعْتِبَارَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ، وَمِنْ ذَلِكَ مَا يَلِي:

أ - مِنْ حَيْثُ الْمَشَقَّةُ:

١٤ - الأَْصْل أَنَّ الْمَشَقَّةَ مِنْ حَيْثُ هِيَ غَيْرُ مَقْصُودَةٍ لِلشَّارِعِ، فَإِنَّ الْحَرَجَ مَرْفُوعٌ عَنِ الْمُكَلَّفِ، وَلَكِنَّ الْمَشَقَّةَ فِي الْجُمْلَةِ مُثَابٌ عَلَيْهَا إِذَا لَحِقَتْ فِي أَثْنَاءِ التَّكْلِيفِ، وَيَخْتَلِفُ أَجْرُ تَحَمُّل الْمَشَاقِّ بِشِدَّةِ الْمَشَاقِّ وَخِفَّتِهَا، وَالضَّابِطُ فِي ذَلِكَ أَنَّ الْفِعْلَيْنِ إِذَا اتَّحَدَا فِي الشَّرَفِ، وَالشَّرَائِطِ، وَالسُّنَنِ، وَالأَْرْكَانِ، وَكَانَ أَحَدُهُمَا شَاقًّا فَقَدِ اسْتَوَيَا فِي أَجْرِهِمَا لِتَسَاوِيهِمَا فِي جَمِيعِ الْوَظَائِفِ، وَانْفَرَدَ أَحَدُهُمَا بِتَحَمُّل الْمَشَقَّةِ لأَِجْل اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، فَأُثِيبَ عَلَى تَحَمُّل الْمَشَقَّةِ لاَ عَلَى عَيْنِ الْمَشَاقِّ، وَذَلِكَ كَالاِغْتِسَال فِي الصَّيْفِ وَالرَّبِيعِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الاِغْتِسَال فِي شِدَّةِ بَرْدِ الشِّتَاءِ، فَيَزِيدُ أَجْرُ الاِغْتِسَال فِي الشِّتَاءِ لأَِجْل تَحَمُّل مَشَقَّةِ الْبَرْدِ، وَكَذَلِكَ مَشَاقُّ الْوَسَائِل فِي مَنْ يَقْصِدُ


(١) ابن عابدين ١ / ٦٠٣.