للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مِقْدَارُ الْجَلْدِ فِي التَّعْزِيرِ:

١٥ - مِمَّا لاَ خِلاَفَ فِيهِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ: أَنَّ التَّعْزِيرَ لاَ يَبْلُغُ الْحَدَّ، لِحَدِيثِ: مَنْ بَلَغَ حَدًّا فِي غَيْرِ حَدٍّ فَهُوَ مِنَ الْمُعْتَدِينَ (١) وَاخْتَلَفَ الْحَنَفِيَّةُ فِي أَقْصَى الْجَلْدِ فِي التَّعْزِيرِ:

فَيَرَى أَبُو حَنِيفَةَ: أَنَّهُ لاَ يَزِيدُ عَنْ تِسْعَةٍ وَثَلاَثِينَ سَوْطًا بِالْقَذْفِ وَالشُّرْبِ، أَخْذًا عَنِ الشَّعْبِيِّ، إِذْ صَرَفَ كَلِمَةَ الْحَدِّ فِي الْحَدِيثِ إِِلَى حَدِّ الأَْرِقَّاءِ وَهُوَ أَرْبَعُونَ. وَأَبُو يُوسُفَ قَال بِذَلِكَ أَوَّلاً، ثُمَّ عَدَل عَنْهُ إِِلَى اعْتِبَارِ أَقَل حُدُودِ الأَْحْرَارِ وَهُوَ ثَمَانُونَ جَلْدَةً.

وَجْهُ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ أَبُو حَنِيفَةَ: أَنَّ الْحَدِيثَ ذَكَرَ حَدًّا مُنَكَّرًا، وَأَرْبَعُونَ جَلْدَةً حَدٌّ كَامِلٌ فِي الأَْرِقَّاءِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ فِي الْقَذْفِ وَالشُّرْبِ، فَيَنْصَرِفُ إِِلَى الأَْقَل. وَأَبُو يُوسُفَ اعْتَمَدَ عَلَى أَنَّ الأَْصْل فِي الإِِْنْسَانِ الْحُرِّيَّةُ، وَحَدُّ الْعَبْدِ نِصْفُ حَدِّ الْحُرِّ، فَلَيْسَ حَدًّا كَامِلاً، وَمُطْلَقُ الاِسْمِ يَنْصَرِفُ إِِلَى الْكَامِل فِي كُل بَابٍ (٢) .

وَفِي عَدَدِ الْجَلَدَاتِ رِوَايَتَانِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ:

إِحْدَاهُمَا: أَنَّ التَّعْزِيرَ يَصِل إِِلَى تِسْعَةٍ وَسَبْعِينَ سَوْطًا، وَهِيَ رِوَايَةُ هِشَامٍ عَنْهُ، وَقَدْ أَخَذَ بِذَلِكَ


(١) حديث: " من بلغ حدا في غير حد. . . " أخرجه البيهقي في السنن (٨ / ٣٢٧ - ط دائرة المعارف العثمانية) من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنهما، وقال: المحفوظ: هذا الحديث مرسل.
(٢) الكاساني ٧ / ٦٤.