للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السُّلُوكِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى لاَ تُحْصَى وَلاَ تُسْتَقْصَى إِلاَّ بَعْدَ شَرْحِ جَمِيعِ عُلُومِ الْمُكَاشَفَةِ، إِذِ السَّالِكُ لِهَذَا الطَّرِيقِ لاَ يَحْتَاجُ إِلَى أَنْ يَسْمَعَهُ مِنْ غَيْرِهِ، وَاَلَّذِي لَمْ يَسْلُكْهُ لاَ يَنْتَفِعُ بِسَمَاعِهِ، بَل رُبَّمَا يَسْتَضِرُّ بِهِ، إِذْ يُورِثُهُ ذَلِكَ دَهْشَةً مِنْ حَيْثُ يَسْمَعُ مَا لاَ يَفْهَمُ، وَلَكِنْ فِيهِ فَائِدَةٌ وَهِيَ إِخْرَاجُهُ مِنَ الْغُرُورِ الَّذِي هُوَ فِيهِ، بَل رُبَّمَا يُصَدِّقُ بِأَنَّ الأَْمْرَ أَعْظَمُ مِمَّا يَظُنُّهُ وَمِمَّا يَتَخَيَّلُهُ بِذِهْنِهِ الْمُخْتَصِرِ وَخَيَالِهِ الْقَاصِرِ وَجَدَلِهِ الْمُزَخْرَفِ (١) .

رَابِعًا - غُرُورُ أَرْبَابِ الأَْمْوَال

١٥ - الْمَغْرُورُونَ مِنْ أَرْبَابِ الأَْمْوَال فِرَقٌ: فَفِرْقَةٌ مِنْهُمْ يَحْرِصُونَ عَلَى بِنَاءِ الْمَسَاجِدِ وَالْمَدَارِسِ وَالرِّبَاطَاتِ وَالْقَنَاطِرِ، وَيَكْتُبُونَ أَسْمَاءَهُمْ عَلَيْهَا لِيُخَلَّدَ ذِكْرُهُمْ، وَيَبْقَى بَعْدَ الْمَوْتِ أَثَرُهُمْ، وَلَوْ كُلِّفَ أَحَدُهُمْ أَنْ يُنْفِقَ دِينَارًا وَلاَ يُكْتَبُ اسْمُهُ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي أُنْفِقَ عَلَيْهِ لَشَقَّ عَلَيْهِ، وَلَوْلاَ أَنَّهُ يُرِيدُ وَجْهَ النَّاسِ لاَ وَجْهَ اللَّهِ، لَمَا شَقَّ عَلَيْهِ ذَلِكَ، فَإِنَّ اللَّهَ يَطَّلِعُ عَلَيْهِ سَوَاءٌ كَتَبَ اسْمَهُ أَمْ لَمْ يَكْتُبْهُ (٢) .


(١) الإحياء ٣ / ٣٩٥.
(٢) إحياء علوم الدين ٣ / ٣٩٦، ومختصر منهاج القاصدين ص٢٥٨.