للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، لَمَّا رَأَى إِصْرَارَ بَعْضِ الصَّحَابَةِ عَلَى التَّقْسِيمِ بِقَوْلِهِ: وَاللَّهِ إِذًا لَيَكُونَنَّ مَا تَكْرَهُ. إِنَّكَ إِنْ قَسَمْتَهَا صَارَ الرِّيعُ الْعَظِيمُ فِي أَيْدِي الْقَوْمِ يُبِيدُونَهُ فَيَصِيرُ ذَلِكَ إِلَى الرَّجُل الْوَاحِدِ، أَوِ الْمَرْأَةِ الْوَاحِدَةِ، ثُمَّ يَأْتِي مَنْ بَعْدَهُمْ قَوْمٌ يَسُدُّونَ مِنَ الإِْسْلاَمِ مَسَدًّا، فَلاَ يَجِدُونَ شَيْئًا، فَانْظُرْ أَمْرًا يَسَعُ أَوَّلَهُمْ وَآخِرَهُمْ (١) فَرَضِيَ عُمَرُ قَوْل مُعَاذٍ، فَوَقَفَ الأَْرْضَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَضَرَبَ عَلَيْهَا الْخَرَاجَ، وَأَصْبَحَ يُنْفِقُ مِنْهُ عَلَى مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ جَمِيعًا بِمَا فِيهِمُ الْفُقَرَاءُ وَالأَْغْنِيَاءُ.

ج - عِمَارَةُ الأَْرْضِ بِالزِّرَاعَةِ وَعَدَمُ تَعْطِيلِهَا:

إِنَّ عِمَارَةَ الأَْرْضِ بِالزِّرَاعَةِ وَالاِنْتِفَاعَ بِمَا فِي بَاطِنِهَا مِنْ مَعَادِنَ مَطْلُوبٌ مِنَ النَّاسِ عَامَّةً، وَمِنَ الْمُسْلِمِينَ خَاصَّةً، فَهُوَ مِنْ مُقْتَضَيَاتِ الاِسْتِخْلاَفِ الْعَامِّ لِلنَّاسِ فِي الأَْرْضِ {وَإِذْ قَال رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَْرْضِ خَلِيفَةً} . (٢)

وَكَانَ قَصْدُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِنْ ضَرْبِ الْخَرَاجِ أَنْ تَبْقَى الأَْرْضُ عَامِرَةً بِالزِّرَاعَةِ فَأَهْلُهَا أَقْدَرُ مِنَ الْغَانِمِينَ عَلَى ذَلِكَ لِتَوَفُّرِ الْخِبْرَةِ وَالْقُدْرَةِ عَلَى الزِّرَاعَةِ، وَلِذَلِكَ قَال


(١) أبو عبيد: الأموال ص ٨٣ - ٨٤.
(٢) سورة البقرة / ٣٠.