للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رَابِعًا: قِسْمَةُ التَّرِكَةِ بَيْنَ الْوَرَثَةِ:

٣٣ - لاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّ التَّرِكَةَ تُقْسَمُ بَيْنَ الْوَارِثِينَ بَعْدَ أَدَاءِ الْحُقُوقِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِهَا

انْظُرْ مُصْطَلَحَ: (إِرْثٌ) .

إِلاَّ أَنَّ الْفُقَهَاءَ اخْتَلَفُوا فِيمَا إِذَا قُسِّمَتِ التَّرِكَةُ بَيْنَ الْوَرَثَةِ قَبْل أَدَاءِ الْحُقُوقِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِهَا، هَل تُنْقَضُ هَذِهِ الْقِسْمَةُ أَمْ تَلْزَمُ؟

فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّ التَّرِكَةَ الْمُسْتَغْرَقَةَ بِالدَّيْنِ تَبْقَى عَلَى مِلْكِ الْمُوَرِّثِ، أَوْ هِيَ فِي حُكْمِ مِلْكِهِ؛ لأَِنَّ الدَّيْنَ يَشْغَلُهَا جَمِيعًا.

أَمَّا غَيْرُ الْمُسْتَغْرَقَةِ فَإِنَّهَا تَنْتَقِل إِلَى مِلْكِ الْوَارِثِ مِنْ حِينِ وَفَاةِ الْمُوَرِّثِ أَوْ يَنْتَقِل الْجُزْءُ الْفَارِغُ مِنَ الدَّيْنِ.

وَمِنْ ثَمَّ لاَ يَجُوزُ لِلْوَرَثَةِ اقْتِسَامُ التَّرِكَةِ مَا دَامَتْ مَشْغُولَةً بِالدَّيْنِ، وَذَلِكَ لأَِنَّ مِلْكَهُمْ لاَ يَظْهَرُ إِلاَّ بَعْدَ قَضَاءِ الدَّيْنِ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ} (١) فَإِذَا قَسَمُوهَا نُقِضَتْ قِسْمَتُهُمْ حِفْظًا لِحَقِّ الدَّائِنِينَ؛ لأَِنَّهُمْ قَسَمُوا مَا لاَ يَمْلِكُونَ.

قَال الْكَاسَانِيُّ: الَّذِي يُوجِبُ نَقْضَ الْقِسْمَةِ بَعْدَ وُجُودِهَا أَنْوَاعٌ: مِنْهَا ظُهُورُ دَيْنٍ عَلَى الْمَيِّتِ، إِذَا طَلَبَ الْغُرَمَاءُ دُيُونَهُمْ وَلاَ مَال لِلْمَيِّتِ سِوَاهُ وَلاَ قَضَاهُ الْوَرَثَةُ مِنْ مَال أَنْفُسِهِمْ.

وَإِذَا لَمْ يَكُنِ الدَّيْنُ مُحِيطًا بِالتَّرِكَةِ فَمِلْكُ الْمَيِّتِ


(١) سورة النساء / ١١.