للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بِقَتْل مُورَثِهِ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ، وَهُوَ مَا إِذَا قَتَلَهُ عَمْدًا فَاقْتَضَتِ الْمَصْلَحَةُ حِرْمَانَهُ مِنَ الإِْرْثِ، عَمَلاً بِقَاعِدَةِ: مَنَ اسْتَعْجَل بِشَيْءٍ قَبْل أَوَانِهِ عُوقِبَ بِحِرْمَانِهِ، وَالاِسْتِعْجَال إِنَّمَا هُوَ بِحَسَبِ ظَنِّهِ، وَبِالنَّظَرِ لِلظَّاهِرِ وَسَدِّ بَابِ الْقَتْل فِي بَاقِي الصُّوَرِ، وَهُوَ مَا إِذَا كَانَ الْقَتْل بِغَيْرِ قَصْدٍ كَمَا فِي النَّائِمِ وَالْمَجْنُونِ وَالطِّفْل.

وَلاَ مَدْخَل لِلْمُفْتِي فِي الْقَتْل وَلَوْ أَخْطَأَ فِي الإِْفْتَاءِ وَإِنْ كَانَ عَلَى مُعَيَّنٍ، لأَِنَّ إِفْتَاءَهُ غَيْرُ مُلْزِمٍ، وَلاَ رَاوِي الْحَدِيثِ، وَلاَ الْقَاتِل بِالْعَيْنِ، وَلاَ مَنْ أَتَى لاِمْرَأَتِهِ بِلَحْمٍ فَأَكَلَتْ مِنْهُ حَيَّةٌ ثُمَّ أَكَلَتْ مِنْهُ الزَّوْجَةُ فَمَاتَتْ.

وَأَمَّا مَنْ شَهِدَ عَلَى مُورَثٍ بِمُقْتَضَى جَلْدٍ فَجُلِدَ فَمَاتَ فَلِلنَّظَرِ فِيهِ مَجَالٌ، لَكِنْ ظَاهِرُ إِطْلاَقِهِمْ مَنْعُهُ بِذَلِكَ (١) .

اخْتِلاَفُ الدِّينَيْنِ:

١٨ - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ وَهُوَ قَوْل أَبِي طَالِبٍ مِنَ الْحَنَابِلَةِ وَقَوْل عَلِيٍّ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَأَكْثَرِ الصَّحَابَةِ إِلَى أَنَّ الْكَافِرَ لاَ يَرِثُ الْمُسْلِمَ حَتَّى وَلَوْ أَسْلَمَ قَبْل قِسْمَةِ التَّرِكَةِ، لأَِنَّ الْمَوَارِيثَ قَدْ وَجَبَتْ لأَِهْلِهَا بِمَوْتِ الْمُورَثِ، وَسَوَاءٌ أَكَانَ الاِرْتِبَاطُ بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ بِالْقَرَابَةِ أَمْ بِالنِّكَاحِ أَمْ بِالْوَلاَءِ.

وَذَهَبَ الإِْمَامُ أَحْمَدُ إِلَى أَنَّهُ إِنْ أَسْلَمَ الْكَافِرُ قَبْل قِسْمَةِ التَّرِكَةِ وَرِثَ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ أَسْلَمَ عَلَى شَيْءٍ فَهُوَ لَهُ (٢) وَلأَِنَّ فِي تَوْرِيثِهِ تَرْغِيبًا فِي الإِْسْلاَمِ.


(١) التحفة الخيرية ص ٥٦ وما بعدها
(٢) حديث " من أسلم على شيء فهو له " أخرجه البيهقي (٩ / ١١٣ - ط دائرة المعارف العثمانية) وسعيد بن منصور في سننه (رقم ١٨٩ مطبعة علي بريس الهند)