للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَإِنَّمَا الْخِلاَفُ بَيْنَهُمْ فِي وُجُوبِهَا عَلَى مَنْ جَامَعَ نَاسِيًا أَوْ مُخْطِئًا أَوْ جَاهِلاً عَلَى قَوْلَيْنِ:

الْقَوْل الأَْوَّل: لاَ كَفَّارَةَ عَلَى مَنْ جَامَعَ نَاسِيًا أَوْ مُخْطِئًا أَوْ جَاهِلاً.

وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ (١) ، وَالْمَالِكِيَّةُ (٢) ، وَالشَّافِعِيَّةُ (٣) ، وَبِهِ قَال: إِسْحَاقُ وَاللَّيْثُ وَالأَْوْزَاعِيُّ (٤) ، وَهُوَ قَوْل ابْنِ الْمُنْذِرِ وَالْحَسَنِ وَمُجَاهِدٍ وَالثَّوْرِيِّ (٥) .

وَاسْتَدَلُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ} .

وَقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ اللَّهَ وَضَعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ (٦) .

فَفِي الآْيَةِ وَالْحَدِيثِ نَصٌّ عَلَى رَفْعِ الْخَطَأِ وَالنِّسْيَانِ وَالإِْكْرَاهِ، وَالْمُرَادُ رَفْعُ الْحُكْمِ، لأَِنَّ كُل وَاحِدٍ مِنَ الثَّلاَثَةِ مَوْجُودٌ حِسًّا، وَالْحُكْمُ نَوْعَانِ: دُنْيَوِيٌّ وَهُوَ الْفَسَادُ، وَأُخْرَوِيٌّ وَهُوَ الإِْثْمُ، وَمُسَمَّى الْحُكْمِ يَشْمَلُهُمَا، فَيَتَنَاوَل الرَّفْعُ الْحُكْمَيْنِ، فَلاَ كَفَّارَةَ عَلَيْهِ، لأَِنَّ الْكَفَّارَةَ


(١) المبسوط ٣ / ٧١.
(٢) مواهب الجليل للحطاب ٢ / ٤٣١، ٤٣٧، الجامع لأحكام القرآن ٢ / ٣٢١.
(٣) روضة الطالبين ٢ / ٣٧٤، والمجموع ٦ / ٣٢٤.
(٤) الجامع لأحكام القرآن ٢ / ٣٢١، ٣٢٢.
(٥) المغني ٣ / ١٢١، ١٢٢، والجامع لأحكام القرآن ٢ / ٣٢٢.
(٦) حديث: " إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان. . . ". أخرجه ابن ماجه (١ / ٦٥٩) والحاكم (٢ / ١٩٨) من حديث ابن عباس، واللفظ لابن ماجه، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.