للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَال الْحَنَابِلَةُ: إِذَا عَفَا وَلِيُّ الْجِنَايَةِ عَنِ الْجَرْحِ الْخَطَأِ اعْتُبِرَ خُرُوجُ الْجِنَايَةِ وَسِرَايَتُهَا مِنَ الثُّلُثِ كَالْوَصِيَّةِ، وَإِنْ لَمْ تَخْرُجْ مِنَ الثُّلُثِ سَقَطَ عَنِ الْجَانِي مِنْ دِيَةِ السِّرَايَةِ مَا احْتَمَلَهُ الثُّلُثُ، وَإِنْ أَبْرَأَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ الْجَانِيَ مِنَ الدِّيَةِ أَوْ وَصَّى لَهُ بِهَا فَهُوَ وَصِيَّةٌ لِقَاتِلٍ، وَتَصِحُّ لِتَأَخُّرِهَا عَنِ الْجِنَايَةِ، بِخِلاَفِ مَا لَوْ وَصَّى لَهُ ثُمَّ قَتَلَهُ.

وَتُعْتَبَرُ الْبَرَاءَةُ مِنَ الدِّيَةِ أَوِ الْوَصِيَّةُ بِهَا لِلْقَاتِل مِنَ الثُّلُثِ كَسَائِرِ الْعَطَايَا فِي الْمَرَضِ وَالْوَصَايَا.

وَإِنْ أَبْرَأَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ أَوْ وَارِثُهُ الْقَاتِل مِنَ الدِّيَةِ الْوَاجِبَةِ عَلَى عَاقِلَتِهِ لَمْ يَصِحَّ الإِْبْرَاءُ؛ لأَِنَّهُ أَبْرَأَهُ مِنْ حَقٍّ عَلَى غَيْرِهِ؛ لأَِنَّ الدِّيَةَ الْوَاجِبَةَ عَلَى الْعَاقِلَةِ غَيْرُ وَاجِبَةٍ عَلَى الْقَاتِل، وَإِنْ أَبْرَأَ الْعَاقِلَةَ صَحَّ؛ لأَِنَّهُ أَبْرَأَهَا مِنْ حَقٍّ عَلَيْهَا كَالدَّيْنِ الْوَاجِبِ عَلَيْهَا.

وَمَنْ صَحَّ عَفْوُهُ مَجَّانًا فَإِنْ أَوْجَبَ الْجُرْحُ مَالاً عَيْنِيًّا كَالْجَائِفَةِ وَجِنَايَةِ الْخَطَأِ فَكَوَصِيَّةٍ، يُعْتَبَرُ مِنَ الثُّلُثِ؛ لأَِنَّهُ تَبَرُّعٌ بِمَالٍ (١)

عَفْوُ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ:

٢٧ - ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْعَافِي أَنْ يَكُونَ عَاقِلاً بَالِغًا، فَلاَ يَصِحُّ الْعَفْوُ مِنَ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ وَإِنْ كَانَ الْحَقُّ ثَابِتًا لَهُمَا؛ لأَِنَّهُ


(١) كشاف القناع ٥ / ٥٤٦.