للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وَقَدْ وَقَعَ الإِِْجْمَاعُ عَلَى وُجُوبِ إِِقَامَةِ الْحُدُودِ.

وَأَمَّا الْمَعْقُول: فَهُوَ أَنَّ الطِّبَاعَ الْبَشَرِيَّةَ، وَالشَّهْوَةَ النَّفْسَانِيَّةَ مَائِلَةٌ إِِلَى قَضَاءِ الشَّهْوَةِ، وَاقْتِنَاصِ الْمَلاَذِ، وَتَحْصِيل مَقْصُودِهَا وَمَحْبُوبِهَا مِنَ الشُّرْبِ وَالزِّنَى وَالتَّشَفِّي بِالْقَتْل وَأَخْذِ مَال الْغَيْرِ، وَالاِسْتِطَالَةِ عَلَى الْغَيْرِ بِالشَّتْمِ وَالضَّرْبِ، فَاقْتَضَتِ الْحِكْمَةُ شَرْعَ هَذِهِ الْحُدُودِ حَسْمًا لِهَذَا الْفَسَادِ، وَزَجْرًا عَنِ ارْتِكَابِهِ، لِيَبْقَى الْعَالَمُ عَلَى نَظْمِ الاِسْتِقَامَةِ، فَإِِنَّ إِِخْلاَءَ الْعَالَمِ عَنْ إِِقَامَةِ الزَّاجِرِ يُؤَدِّي إِِلَى انْحِرَافِهِ، وَفِيهِ مِنَ الْفَسَادِ مَا لاَ يَخْفَى (١) .

وَلِذَا قَال صَاحِبُ الْهِدَايَةِ: وَالْمَقْصِدُ الأَْصْلِيُّ مِنْ شَرْعِهِ الاِنْزِجَارُ عَمَّا يَتَضَرَّرُ بِهِ الْعِبَادُ (٢) .

أَنْوَاعُ الْحُدُودِ:

٧ - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ مَا يُطَبَّقُ عَلَى جَرِيمَةِ كُلٍّ مِنَ الزِّنَى وَالْقَذْفِ، وَالسُّكْرِ، وَالسَّرِقَةِ، وَقَطْعِ الطَّرِيقِ يُعْتَبَرُ حَدًّا، وَاخْتَلَفُوا فِيمَا وَرَاءَ ذَلِكَ.

فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِِلَى أَنَّهَا سِتَّةٌ، وَذَلِكَ بِإِِضَافَةِ حَدِّ الشُّرْبِ لِلْخَمْرِ خَاصَّةً. وَيَرَى الْمَالِكِيَّةُ أَنَّ الْحُدُودَ سَبْعَةٌ، فَيُضِيفُونَ إِِلَى الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ الرِّدَّةَ وَالْبَغْيَ، فِي حِينِ يَعْتَبِرُ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ


(١) ابن عابدين ٣ / ١٤٠، والاختيار ٤ / ٧٩، والطحطاوي ١ / ٣٨٨، والفتاوى الهندية ٢ / ١٤٣.
(٢) فتح القدير ٥ / ٣ ط دار إحياء التراث العربي.