للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أَرَغِبْتَ عَنْ سُنَّتِي؟ فَقَال: لاَ وَاللَّهِ يَا رَسُول اللَّهِ، لَكِنْ سُنَّتَكَ أَطْلُبُ. قَال: فَإِنِّي أَنَامُ وَأُصَلِّي وَأَصُومُ وَأُفْطِرُ وَأَنْكِحُ النِّسَاءَ (١) ، وَقَدْ نَهَى اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا عَزَمَ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ سَرْدِ الصَّوْمِ وَقِيَامِ اللَّيْل وَالاِخْتِصَاءِ، وَكَانُوا قَدْ حَرَّمُوا عَلَى أَنْفُسِهِمُ الْفِطْرَ وَالنَّوْمَ ظَنًّا أَنَّهُ قُرْبَةٌ إِلَى رَبِّهِمْ فَنَهَاهُمْ عَنْ ذَلِكَ؛ لأَِنَّهُ غُلُوٌّ فِي الدِّينِ وَاعْتِدَاءٌ عَلَى مَا شَرَعَ (٢) ، فَقَال تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَل اللَّهُ لَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} (٣) .

وَقَدْ تَكُونُ الْقُرْبَةُ مَكْرُوهَةً، وَذَلِكَ كَالتَّصَدُّقِ بِجَمِيعِ مَا يَمْلِكُ، وَكَانَ فِي ذَلِكَ مَشَقَّةٌ لاَ يَصْبِرُ عَلَيْهَا، وَكَالْوَصِيَّةِ مِنَ الْفَقِيرِ الَّذِي لَهُ وَرَثَةٌ (٤)

مَنْ تَصِحُّ مِنْهُ الْقُرْبَةُ:

٥ - الْقُرُبَاتُ إِمَّا أَنْ تَكُونَ عِبَادَةً كَالصَّلاَةِ وَالصِّيَامِ، أَوْ غَيْرَ عِبَادَةٍ كَالتَّبَرُّعَاتِ مِنْ صَدَقَةٍ وَوَصِيَّةٍ وَوَقْفٍ.

فَإِنْ كَانَتِ الْقُرُبَاتُ مِنَ الْعِبَادَاتِ، فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيمَنْ تَصِحُّ مِنْهُ أَنْ يَكُونَ مُسْلِمًا، فَلاَ


(١) حديث: " أرغبت عن سنتي؟ . . . " أخرجه أبو داود (٢ / ١٠١) .
(٢) قواعد الأحكام للعز بن عبد السلام ٢ / ١٧٤.
(٣) سورة المائدة / ٨٧.
(٤) مغني المحتاج ٣ / ١٢٢، وشرح منتهى الإرادات ٢ / ٥٤٠.