للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النَّوْعُ الأَْوَّل: إِبَانَةُ الأَْطْرَافِ:

٣٧ - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ كُل عُضْوٍ لَمْ يَخْلُقِ اللَّهُ تَعَالَى فِي بَدَنِ الإِْنْسَانِ مِنْهُ إِلاَّ وَاحِدًا كَاللِّسَانِ وَالأَْنْفِ، وَالذَّكَرِ، وَالصُّلْبِ، وَغَيْرِهَا، فَفِيهِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ، وَالأَْصْل فِي ذَلِكَ مَا رُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ: أَنْ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: فِي النَّفْسِ الدِّيَةُ، وَفِي اللِّسَانِ الدِّيَةُ، وَفِي الذَّكَرِ الدِّيَةُ، وَفِي الأَْنْفِ الدِّيَةُ، وَفِي الْمَارِنِ الدِّيَةُ (١) .

لأَِنَّ إِتْلاَفَ كُل عُضْوٍ مِنْ هَذِهِ الأَْعْضَاءِ كَإِذْهَابِ مَنْفَعَةِ الْجِنْسِ، وَإِذْهَابُ مَنْفَعَةِ الْجِنْسِ كَإِتْلاَفِ النَّفْسِ، فَإِتْلاَفُ كُل عُضْوٍ مِنْ هَذِهِ الأَْعْضَاءِ كَإِتْلاَفِ النَّفْسِ.

وَصَرَّحَ الْحَنَابِلَةُ بِأَنَّ الأَْنْفَ يَشْتَمِل عَلَى ثَلاَثَةِ أَشْيَاءَ: الْمَنْخِرَيْنِ، وَالْحَاجِزِ بَيْنَهُمَا، فَفِي الأَْنْفِ الدِّيَةُ، وَفِي كُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثُلُثُهَا. وَبِهَذَا قَال إِسْحَاقُ وَهُوَ أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ.

وَمَا خُلِقَ فِي الإِْنْسَانِ مِنْهُ شَيْئَانِ كَالْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ، وَالْعَيْنَيْنِ وَالأُْذُنَيْنِ، وَالْمَنْخِرَيْنِ، وَالشَّفَتَيْنِ، وَالأُْنْثَيَيْنِ، وَالثَّدْيَيْنِ، وَالأَْلْيَتَيْنِ وَغَيْرِهَا، فَفِيهِمَا الدِّيَةُ كَامِلَةً؛ لِمَا رُوِيَ أَنَّ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَتَبَ لِعَمْرِو بْنِ حَازِمٍ فِي كِتَابِهِ: وَفِي الْعَيْنَيْنِ الدِّيَةُ، وَفِي إِحْدَاهُمَا نِصْفُ الدِّيَةِ، وَفِي


(١) حديث: " في النفس الدية، وفي اللسان الدية، وفي الذكر الدية، وفي الأنف الدية، وفي المارن الدية " يشهد لهذا المرسل حديث عمرو بن حزم المتقدم ذكره. ف / ١٨.