للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بِالْحِجَازِ إِنْ مَاتَ بِهِ وَقَدْ دَخَل بِإِذْنٍ. وَفِي وَجْهٍ عِنْدَهُمْ: لاَ يُدْفَنُ بِهِ. وَفِي وَجْهٍ آخَرَ: إِنْ شَقَّ نَقْلُهُ جَازَ دَفْنُهُ. وَلَمْ يَنُصُّوا عَلَى دَفْنِ الْحَرْبِيِّ وَالْمُرْتَدِّ (١) .

وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: لَوْ دَخَل مُشْرِكٌ الْحَرَمَ مَسْتُورًا وَمَاتَ، نُبِشَ قَبْرُهُ وَأُخْرِجَتْ عِظَامُهُ، فَلَيْسَ لَهُمُ الاِسْتِيطَانُ وَلاَ الاِجْتِيَازُ.

وَأَمَّا جَزِيرَةُ الْعَرَبِ، وَهِيَ مَكَّةُ وَالْمَدِينَةُ وَالْيَمَامَةُ وَالْيَمَنُ وَمَخَالِيفُهَا، فَقَدْ قَال مَالِكٌ: يُخْرَجُ مِنْ هَذِهِ الْمَوَاضِعِ كُل مَنْ كَانَ عَلَى غَيْرِ الإِْسْلاَمِ، وَلاَ يُمْنَعُونَ مِنَ التَّرَدُّدِ بِهَا مُسَافِرِينَ، وَلاَ يُدْفَنُونَ فِيهَا وَيُلْجَئُونَ إِلَى الْحِل (٢) .

وَلَمْ نَجِدْ لِلْحَنَفِيَّةِ كَلاَمًا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ.

دُورُ الْعِبَادَةِ لِلْكُفَّارِ فِي أَرْضِ الْعَرَبِ:

٢١ - صَرَّحَ الْحَنَفِيَّةُ بِأَنَّ أَرْضَ الْعَرَبِ - الْحِجَازَ وَمَا سِوَاهُ - لاَ يَجُوزُ إِحْدَاثُ كَنِيسَةٍ فِيهَا، وَلاَ بِيعَةٍ، وَلاَ صَوْمَعَةٍ، وَلاَ بَيْتِ نَارٍ، وَلاَ صَنَمٍ، تَفْضِيلاً لأَِرْضِ الْعَرَبِ عَلَى غَيْرِهَا، وَتَطْهِيرًا لَهَا عَنِ الدِّينِ الْبَاطِل كَمَا عَبَّرَ صَاحِبُ الْبَدَائِعِ. وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ مُدُنُهَا وَقُرَاهَا وَسَائِرُ مِيَاهِهَا.

وَكَذَلِكَ لاَ يَجُوزُ إِبْقَاءُ شَيْءٍ مِنْهَا مُحْدَثٍ أَوْ قَدِيمٍ، أَيْ سَابِقٍ عَلَى الْفَتْحِ الإِْسْلاَمِيِّ (٣) .

وَيُفْهَمُ مِثْل ذَلِكَ مِنْ كَلاَمِ الْمَالِكِيَّةِ (٤) .


(١) الإنصاف ٤ / ٢٤١
(٢) القرطبي ٨ / ١٠٤، والزرقاني ٣ / ١٤٢
(٣) البحر الرائق ٥ / ١٢١، ١٢٢، ورد المحتار ٣ / ٢٧١، والبدائع ٧ / ٢١٤
(٤) الدسوقي ٢ / ٢٠١