للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَهُوَ شَرْطٌ يُنَاقِضُ الْعَقْدَ وَيُفْسِدُ الإِْجَارَةَ. فَإِنْ وَقَعَ الشَّرْطُ فَسَدَتِ الإِْجَارَةُ. فَإِنْ عَمِل فَلَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ، زَادَتْ عَلَى الْمُسَمَّى أَوْ نَقَصَتْ. وَإِنْ أَسْقَطَ الشَّرْطَ قَبْل انْقِضَاءِ الْعَمَل صَحَّتِ الإِْجَارَةُ (١) . وَمِنْ فُقَهَاءِ الشَّافِعِيَّةِ مَنْ قَال: إِنَّهُ كَالأَْجِيرِ الْمُشْتَرَكِ فَيَضْمَنُ، لِقَوْل الشَّافِعِيِّ: الأُْجَرَاءُ سَوَاءٌ، وَذَلِكَ صِيَانَةً لأَِمْوَال النَّاسِ. وَكَانَ يَقُول: لاَ يُصْلِحُ النَّاسَ إِلاَّ ذَاكَ. (٢)

الإِْجَارَةُ عَلَى الْمَعَاصِي وَالطَّاعَاتِ:

١٠٨ - الإِْجَارَةُ عَلَى الْمَنَافِعِ الْمُحَرَّمَةِ كَالزِّنَى وَالنَّوْحِ وَالْغِنَاءِ وَالْمَلاَهِي مُحَرَّمَةٌ وَعَقْدُهَا بَاطِلٌ لاَ يُسْتَحَقُّ بِهِ أُجْرَةٌ.

وَلاَ يَجُوزُ اسْتِئْجَارُ كَاتِبٍ لِيَكْتُبَ لَهُ غِنَاءً وَنَوْحًا؛ لأَِنَّهُ انْتِفَاعٌ بِمُحَرَّمٍ. وَقَال أَبُو حَنِيفَةَ: يَجُوزُ.

وَلاَ يَجُوزُ الاِسْتِئْجَارُ عَلَى حَمْل الْخَمْرِ لِمَنْ يَشْرَبُهَا، وَلاَ عَلَى حَمْل الْخِنْزِيرِ. وَبِهَذَا قَال أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ وَالشَّافِعِيُّ. وَقَال أَبُو حَنِيفَةَ: يَجُوزُ، لأَِنَّ الْعَمَل لاَ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ، بِدَلِيل أَنَّهُ لَوْ حَمَل مِثْلَهُ جَازَ. وَرُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ فِيمَنْ حَمَل خِنْزِيرًا أَوْ خَمْرًا لِنَصْرَانِيٍّ قَوْلُهُ: إِنِّي أَكْرَهُ أَكْل كِرَائِهِ، وَلَكِنْ يُقْضَى لِلْحَمَّال بِالْكِرَاءِ. وَالْمَذْهَبُ خِلاَفُ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ؛ لأَِنَّهُ اسْتِئْجَارٌ لِفِعْلٍ مُحَرَّمٍ، فَلَمْ يَصِحَّ، وَلأَِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَعَنَ حَامِلَهَا وَالْمَحْمُولَةَ إِلَيْهِ.

وَأَمَّا حَمْل هَذِهِ الأَْشْيَاءِ لإِِرَاقَتِهَا وَإِتْلاَفِهَا فَجَائِزٌ إِجْمَاعًا (٣) .


(١) الشرح الصغير ٤ / ٤٢
(٢) المهذب ١ / ٤٠٨
(٣) المغني ٦ / ١٣٤، ١٣٦، ١٣٨، وكشف الحقائق ٢ / ١٥٧، والشرح الصغير ٤ / ١٠، والمهذب ١ / ١٩٤، والبدائع ٤ / ١٨٤، ١٩١.