للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَال الْحَنَابِلَةُ فِي رِوَايَةٍ وَالأَْوْزَاعِيُّ وَاللَّيْثُ وَأَبُو ثَوْرٍ: لاَ يَجُوزُ ذَلِكَ لأَِنَّهُ إِتْلاَفٌ مَحْضٌ. (١)

عَمَل مَا يَنْفَعُ أَهْل الْحَرْبِ وَيُقَوِّيهِمْ

أ - الْوَصِيَّةُ لأَِهْل الْحَرْبِ:

١٦ - هُنَاكَ اتِّجَاهَانِ فِي الْوَصِيَّةِ لأَِهْل الْحَرْبِ:

الاِتِّجَاهُ الأَْوَّل (٢) : لاَ تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ لِلْحَرْبِيِّ إِذَا كَانَ فِي دَارِ الْحَرْبِ؛ لأَِنَّ فِي ذَلِكَ قُوَّةً لَهُمْ، فَالتَّبَرُّعُ بِتَمْلِيكِهِ الْمَال، يَكُونُ إِعَانَةً لَهُ عَلَى الْحَرْبِ، وَأَنَّهُ لاَ يَجُوزُ، وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} (٣) .

فَدَل ذَلِكَ عَلَى أَنَّ مَنْ قَاتَلَنَا لاَ يَحِل بِرُّهُ، وَهَذَا اتِّجَاهُ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ.

وَالاِتِّجَاهُ الثَّانِي (٤) : لِلشَّافِعِيَّةِ فِي الأَْصَحِّ وَالْحَنَابِلَةِ - يُجِيزُ الْوَصِيَّةَ لِحَرْبِيٍّ مُعَيَّنٍ، لاَ لِعَامَّةِ الْحَرْبِيِّينَ، سَوَاءٌ أَكَانَ بِدَارِ الْحَرْبِ أَمْ بِدَارِنَا؛ لأَِنَّهُ تَصِحُّ الْهِبَةُ وَالصَّدَقَةُ لَهُ، فَصَحَّتْ لَهُ الْوَصِيَّةُ


(١) المغني ٨ / ٤٥١ - ٤٥٥ ط الرياض، وفتح القدير ٤ / ٢٨٦ ط بولاق، والشرح الكبير مع الدسوقي ٢ / ١٧٧، والتاج والإكليل ٣ / ٣٥٥، والشرح الصغير ٢ / ٢٨١، وبداية المجتهد ١ / ٣٠٧، والأم ٤ / ٢٨٧، ط الأزهرية، والمهذب ٢ / ٢٥١، ومغني المحتاج ٤ / ٢٢٣، و ٢٢٦ - ٢٢٧، والأحكام السلطانية للماوردي ص ٤٩، وجامع الترمذي بشرح ابن العربي ٧ / ٤٠، والأحكام السلطانية لأبي يعلى ص ٣٣ وما بعدها.
(٢) البدائع ٧ / ٣٤١، التاج والإكليل مع مواهب الجليل ٦ / ٢٤.
(٣) سورة الممتحنة / ٩.
(٤) مغني المحتاج ٣ / ٤٣، والمغني ٦ / ١٠٤ وما بعدها، ومطالب أولي النهى ٤ / ٤٦٧.