للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْمُعَزَّرُ لَمْ يَجِبْ ضَمَانُهُ؛ لأَِنَّهُ فَعَل مَا فَعَل بِأَمْرِ الشَّرْعِ، وَفِعْل الْمَأْمُورِ لاَ يَتَقَيَّدُ بِشَرْطِ السَّلاَمَةِ، وَهَذَا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ وَالْمَالِكِيَّةِ. وَفِي قَوْلٍ لِلْمَالِكِيَّةِ إِنَّهُ لاَ يَضْمَنُ إِنْ ظَنَّ السَّلاَمَةَ، أَمَّا عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ؛ لأَِنَّ تَعْزِيرَ الإِْمَامِ عِنْدَهُمْ مَشْرُوطٌ بِسَلاَمَةِ الْعَاقِبَةِ (١) .

٤٢ - وَإِذَا اقْتَصَّ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ بِنَفْسِهِ، فَقَطَعَ يَدَ الْقَاطِعِ، فَسَرَتِ الْجِرَاحَةُ، فَمَاتَ فَلاَ ضَمَانَ؛ لأَِنَّهُ قَطْعٌ مُسْتَحَقٌّ مُقَدَّرٌ فَلاَ تُضْمَنُ سِرَايَتُهُ كَقَطْعِ السَّارِقِ، وَهَذَا عِنْدَ جَمِيعِ الْفُقَهَاءِ، مَا عَدَا أَبَا حَنِيفَةَ، فَإِنَّهُ يَضْمَنُ عِنْدَهُ، وَتَكُونُ الدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ؛ لأَِنَّ الْقَطْعَ لَيْسَ بِمُسْتَحَقٍّ عَلَى مَنْ لَهُ الْقِصَاصُ، بَل هُوَ مُخَيَّرٌ فِيهِ وَالْعَفْوُ أَوْلَى، وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ يُؤَدَّبُ لاِفْتِيَاتِهِ عَلَى الإِْمَامِ، وَلاَ ضَمَانَ عَلَيْهِ (٢) .

ب - الْحُقُوقُ الْوَاجِبَةُ بِإِيجَابِ الْعَقْدِ وَمِنْ أَمْثِلَتِهَا:

٤٣ - الْحَجَّامُ وَالْفَصَّادُ وَالْخَتَّانُ وَالطَّبِيبُ لاَ ضَمَانَ عَلَيْهِمْ فِيمَا يَتْلَفُ بِفِعْلِهِمْ، إِذَا كَانَ ذَلِكَ بِالإِْذْنِ وَلَمْ يُجَاوِزُوا الْمَوْضِعَ الْمُعْتَادَ، وَكَانَتْ لَهُمْ بِصَنْعَتِهِمْ بَصَارَةٌ وَمَعْرِفَةٌ، وَهَذَا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ فِي الأَْصَحِّ (٣) .

٤٤ - وَفِي عَقْدِ الإِْجَارَةِ يَدُ الْمُسْتَأْجِرِ يَدُ أَمَانَةٍ، وَلاَ


(١) المغني ٨ / ٣٢٦، والهداية ٢ / ١١٧، والأشباه للسيوطي ص ١١١، والمهذب ٢ / ٢٩٠، ومنح الجليل ٤ / ٥٥٦، ٥٥٧
(٢) البدائع ٧ / ٣٠٥، والأشباه للسيوطي ص ١١١، والمغني ٧ / ٦٩٠، ٧٢٧، والمواق بهامش الحطاب ٦ / ٢٣٣، ٢٣٤
(٣) المغني ٥ / ٥٣٨، ومنح الجليل ٤ / ٥٥٧، والتبصرة بهامش فتح العلي ٢ / ٣٤٨، ونهاية المحتاج ٨ / ٣٠، ٣٢، وابن عابدين ٥ / ٤٤ ط ثالثة.