للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْحَنَابِلَةِ: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْقَاضِي مُقَلِّدًا، لِئَلاَّ تَتَعَطَّل أَحْكَامُ النَّاسِ، وَعَلَّل الْحَنَفِيَّةُ بِأَنَّ غَرَضَ الْقَضَاءِ فَصْل الْخُصُومَاتِ فَإِذَا تَحَقَّقَ بِالتَّقْلِيدِ جَازَ (١) .

وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ إِنْ تَعَذَّرَ الْقَاضِي الْمُجْتَهِدُ جَازَ تَوْلِيَةُ الْمُقَلِّدِ عِنْدَ الضَّرُورَةِ وَتَتَحَقَّقُ الضَّرُورَةُ بِأَمْرَيْنِ:

الأَْوَّل: أَنْ يُوَلِّيَهُ سُلْطَانٌ ذُو شَوْكَةٍ، بِخِلاَفِ نَائِبِ السُّلْطَانِ، كَالْقَاضِي الأَْكْبَرِ، فَلاَ تُعْتَبَرُ تَوْلِيَتُهُ لِقَاضٍ مُقَلِّدٍ ضَرُورَةً. وَيَحْرُمُ عَلَى السُّلْطَانِ تَوْلِيَةُ غَيْرِ الْمُجْتَهِدِ عِنْدَ وُجُودِ الْمُجْتَهِدِ. ثُمَّ لَوْ زَالَتِ الشَّوْكَةُ انْعَزَل الْقَاضِي بِزَوَالِهَا.

الثَّانِي: أَنْ لاَ يُوجَدَ مُجْتَهِدٌ يَصْلُحُ لِلْقَضَاءِ، فَإِنْ وُجِدَ مُجْتَهِدٌ صَالِحٌ لِلْقَضَاءِ لَمْ يَجُزْ تَوْلِيَةُ الْمُقَلِّدِ، وَلَمْ تَنْفُذْ تَوْلِيَتُهُ. وَعَلَى قَاضِي الضَّرُورَةِ أَنْ يُرَاجِعَ الْعُلَمَاءَ، وَهَذَا مَوْضِعُ اتِّفَاقٍ، وَعَلَيْهِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَنْ يَذْكُرَ مُسْتَنَدَهُ فِي أَحْكَامِهِ.

مَا يَفْعَلُهُ الْمُقَلِّدُ إِذَا تَغَيَّرَ الاِجْتِهَادُ:

٢٢ - إِذَا تَغَيَّرَ اجْتِهَادُ الْمُجْتَهِدِ بَعْدَ أَنْ فَعَل الْمُقَلِّدُ طِبْقًا لِمَا أَفْتَاهُ بِهِ، لَمْ يَلْزَمِ الْمُقَلِّدَ مُتَابَعَةُ الْمُقَلَّدِ فِي


(١) المغني ٩ / ٤١، ٥٢، وتبصرة الحكام ١ / ٤٦، وروضة الطالبين ١١ / ٩٤، ٩٧، وشرح المنهاج بحاشية القليوبي وعميرة ٤ / ٢٩٧.