للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الشَّرْطُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ عَيْنًا:

١٥ - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ فِي الْمَذْهَبِ (١) إِلَى أَنَّهُ لاَ يَصِحُّ إِقْرَاضُ الْمَنَافِعِ، وَإِنْ كَانَ هُنَاكَ اخْتِلاَفٌ بَيْنَ الْمَذْهَبَيْنِ فِي مُسْتَنَدِ الْمَنْعِ وَمَنْشَئِهِ.

فَأَسَاسُ مَنْعِ إِقْرَاضِ الْمَنَافِعِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ: أَنَّ الْقَرْضَ إِنَّمَا يَرِدُ عَلَى دَفْعِ مَالٍ مِثْلِيٍّ لآِخَرَ لِيَرُدَّ مِثْلَهُ (٢) ، وَالْمَنَافِعُ لاَ تُعْتَبَرُ أَمْوَالاً فِي مَذْهَبِهِمْ؛ لأَِنَّ الْمَال عِنْدَهُمْ مَا يَمِيل إِلَيْهِ طَبْعُ الإِْنْسَانِ وَيُمْكِنُ ادِّخَارُهُ لِوَقْتِ الْحَاجَةِ، وَالْمَنَافِعُ غَيْرُ قَابِلَةٍ لِلإِْحْرَازِ وَالاِدِّخَارِ، إِذْ هِيَ أَعْرَاضٌ تَحْدُثُ شَيْئًا فَشَيْئًا وَآنًا فَآنًا، وَتَنْتَهِي بِانْتِهَاءِ وَقْتِهَا، وَمَا يَحْدُثُ مِنْهَا غَيْرُ الَّذِي يَنْتَهِي، وَمِنْ أَجْل ذَلِكَ لَمْ يَصِحَّ جَعْل الْمَنَافِعِ مَحَلًّا لِعَقْدِ الْقَرْضِ.

وَأَمَّا مُسْتَنَدُ مَنْعِ إِقْرَاضِ الْمَنَافِعِ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، فَهُوَ أَنَّهُ غَيْرُ مَعْهُودٍ (٣) ، أَيْ فِي الْعُرْفِ وَعَادَةِ النَّاسِ.

وَقَال ابْنُ تَيْمِيَّةَ: وَيَجُوزُ قَرْضُ الْمَنَافِعِ، مِثْل أَنْ يَحْصُدَ مَعَهُ يَوْمًا، وَيَحْصُدَ مَعَهُ الآْخَرُ يَوْمًا، أَوْ يُسْكِنَهُ دَارًا لِيُسْكِنَهُ الآْخَرُ بَدَلَهَا، لَكِنَّ


(١) شرح منتهى الإرادات ٢ / ٢٢٥، والمبدع ٤ / ٢٠٥، وكشاف القناع ٣ / ٣٠٠.
(٢) انظر رد المحتار ٤ / ١٧١، م (٧٩٦) من مرشد الحيران م (١٢٦) من مجلة الأحكام العدلية.
(٣) كشاف القناع ٣ / ٣٠٠.