للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وَقَدْ بَيَّنَ الْغَزَالِيُّ ضَابِطَ النُّصْحِ الْمَأْمُورِ بِهِ فِي الْمُعَامَلَةِ فِي أَرْبَعَةِ أُمُورٍ: أَنْ لاَ يُثْنِيَ عَلَى السِّلْعَةِ بِمَا لَيْسَ فِيهَا، وَأَنْ لاَ يَكْتُمَ مِنْ عُيُوبِهَا وَخَفَايَا صِفَاتِهَا شَيْئًا أَصْلاً، وَأَنْ لاَ يَكْتُمَ فِي وَزْنِهَا وَمِقْدَارِهَا شَيْئًا، وَأَنْ لاَ يَكْتُمَ مِنْ سِعْرِهَا مَا لَوْ عَرَفَهُ الْمُعَامِل لاَمْتَنَعَ عَنْهُ، ثُمَّ قَال: فَإِنْ أَخْفَاهُ كَانَ ظَالِمًا غَاشًّا، وَالْغِشُّ حَرَامٌ، وَكَانَ تَارِكًا لِلنُّصْحِ فِي الْمُعَامَلَةِ، وَالنُّصْحُ وَاجِبٌ (١) .

وَقَدْ رَجَّحَ أَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ الْقَوْل بِأَنَّ الْغِشَّ كَبِيرَةٌ، وَصَرَّحَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ يَفْسُقُ فَاعِلُهُ وَتُرَدُّ شَهَادَتُهُ، وَقَدْ عَلَّل ابْنُ عَابِدِينَ هَذَا التَّرْجِيحَ بِقَوْلِهِ: لأَِنَّ الْغِشَّ مِنْ أَكْل أَمْوَال النَّاسِ بِالْبَاطِل (٢) .

الْغِشُّ فِي الْمُعَامَلاَتِ:

٦ - يَحْصُل الْغِشُّ كَثِيرًا فِي الْمُعَامَلاَتِ الْمَالِيَّةِ الَّتِي تَتَعَلَّقُ بِالْمُعَاوَضَاتِ، وَقَدْ ذَكَرَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ صُوَرًا لِلْغِشِّ الْوَاقِعِ فِي زَمَانِهِمْ بَيْنَ التُّجَّارِ وَالصُّنَّاعِ (٣) .

وَلِلْغِشِّ صُوَرٌ مُخْتَلِفَةٌ كَالْغِشِّ بِالتَّدْلِيسِ وَالْخِيَانَةِ وَالْكَذِبِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، كَمَا أَنَّ


(١) إحياء علوم الدين ٤ / ٧٧٩.
(٢) رد المحتار ٤ / ٩٨.
(٣) الزواجر عن اقتراف الكبائر ١ / ١٩٣، ١٩٤.