للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْحَنَفِيَّةُ إِِلَى وُجُوبِ حِفْظِ الْفَاتِحَةِ وَسُورَةٍ أُخْرَى عَلَى كُل وَاحِدٍ مِنَ الْمُكَلَّفِينَ، لأَِنَّ قِرَاءَةَ الْفَاتِحَةِ فِي الصَّلاَةِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ مِنْ وَاجِبَاتِهَا وَلَيْسَتْ مِنْ أَرْكَانِهَا، وَكَذَلِكَ السُّورَةُ وَإِِنْ كَانَتْ أَقْصَرَ سُوَرِ الْقُرْآنِ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهَا مِنْ ثَلاَثِ آيَاتٍ قِصَارٍ (١) .

حُكْمُ تَقْدِيمِ الأَْحْفَظِ لِلْقُرْآنِ لإِِِمَامَةِ الصَّلاَةِ:

٤ - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيمَنْ يُقَدَّمُ لإِِِمَامَةِ الصَّلاَةِ: الأَْحْفَظُ أَمِ الأَْفْقَهُ؟

فَذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ وَهُمُ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي الأَْصَحِّ عِنْدَهُمْ إِِلَى أَنَّ الأَْفْقَهَ: أَيِ الأَْعْلَمَ بِالأَْحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ أَوْلَى بِالإِِْمَامَةِ فِي الصَّلاَةِ مِنَ الأَْقْرَأِ وَإِِنْ كَانَ حَافِظًا لِجَمِيعِ الْقُرْآنِ، وَذَلِكَ إِِذَا كَانَ الأَْفْقَهُ يَحْفَظُ مَا تَجُوزُ بِهِ الصَّلاَةُ مِنَ الْقُرْآنِ، لأَِنَّ الْحَاجَةَ إِِلَى الْفِقْهِ أَهَمُّ لِكَوْنِ الْوَاجِبِ مِنَ الْقُرْآنِ فِي الصَّلاَةِ مَحْصُورًا وَالْحَوَادِثُ فِيهَا لاَ تَنْحَصِرُ فَيَفْتَقِرُ إِِلَى الْعِلْمِ لِيَتَمَكَّنَ بِهِ مِنْ تَدَارُكِ مَا عَسَى أَنْ يَعْرِضَ فِيهَا مِنَ الْعَوَارِضِ الْمُخْتَلِفَةِ.

وَلأَِنَّ " النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدَّمَ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي إِِمَامَةِ الصَّلاَةِ عَلَى غَيْرِهِ مِنَ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ (٢) "، وَمِنْهُمْ مَنْ كَانَ أَحْفَظَ مِنْهُ لِلْقُرْآنِ


(١) البدائع ١ / ١١٠، حاشية ابن عابدين ١ / ٣٦٠، المغني لابن قدامة ١ / ٤٧٦.
(٢) حديث: تقديم النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بكر. أخرجه البخاري (الفتح ٢ / ١٧٣ ط السلفية) من حديث عائشة.