للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عَلَيْهِ، وَعَلَى كُل حَالٍ يَبْرَأُ الْمُحَال عَلَيْهِ، بِالدَّفْعِ إِلَى الْمُحَال، لأَِنَّهُ إِنْ كَانَ مُحَالاً، فَذَاكَ حَقُّهُ، وَإِنْ كَانَ وَكِيلاً، فَقَدْ دَفَعَ إِلَيْهِ بِمُقْتَضَى عَقْدِ الْوَكَالَةِ.

٥١ - تَنْبِيهٌ:

عَدَمُ تَضْمِينِ الْمُحَال فِي هَذِهِ الْحَالَةِ الأَْخِيرَةِ عِنْدَمَا يَتْلَفُ الْمَال بِيَدِهِ دُونَ تَفْرِيطٍ - وَلَهَا نَظَائِرُ - مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ إِذَا انْتَفَتِ الْحَوَالَةُ فِي هَذَا التَّنَازُعِ الْمَشْرُوعِ ثَبَتَتِ الْوَكَالَةُ، وَقَدْ عَبَّرَ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيُّ فِي الْمُهَذَّبِ بِذَلِكَ فِعْلاً: فَهُوَ يَقُول فِي هَذَا الشِّقِّ مِنَ الْقَضِيَّةِ (وَإِنْ قُلْنَا بِقَوْل الْمُزَنِيِّ، وَحَلَفَ الْمُحَال ثَبَتَ أَنَّهُ وَكِيلٌ) ، كَمَا عَبَّرَ بِهِ الْبَغَوِيُّ فِي خِلاَفِيَّتِهِ الآْنِفَةِ الذِّكْرِ (ر: ف ٤٢) .

وَلَكِنَّ الْجُوَيْنِيَّ يَحْكِي وَجْهًا آخَرَ بِتَضْمِينِ الْمُحَال، وَيُعَلِّلُهُ بِأَنَّ الأَْصْل فِيمَا يَتْلَفُ فِي يَدِ إِنْسَانٍ مِنْ مِلْكِ غَيْرِهِ هُوَ الضَّمَانُ، وَلاَ يَلْزَمُ مِنْ تَصْدِيقِهِ فِي نَفْيِ الْحَوَالَةِ، لِيَبْقَى حَقُّهُ، تَصْدِيقُهُ فِي إِثْبَاتِ الْوَكَالَةِ لِيَسْقُطَ عَنْهُ الضَّمَانُ. كَمَا إِذَا اخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ فِي قِدَمِ الْعَيْبِ وَحُدُوثِهِ، وَصَدَّقْنَا الْبَائِعَ بِيَمِينِهِ فِي مَنْعِ الرَّدِّ بِذَا الْعَيْبِ، ثُمَّ وَقَعَ الْفَسْخُ، بِتَحَالُفٍ أَوْ غَيْرِهِ، فَإِنَّهُ لاَ يُمَكَّنُ مِنَ الْمُطَالَبَةِ بِأَرْشِ ذَلِكَ الْعَيْبِ، ذَهَابًا إِلَى أَنَّهُ حَادِثٌ بِمُقْتَضَى يَمِينِهِ (١) .

وَلَعَل مِثْل هَذَا الْمَلْحَظِ هُوَ الَّذِي حَدَا


(١) المهذب ١ / ٣٣٩ ونهاية المحتاج ٤ / ٤١٧ ومغني المحتاج ٢ / ١٩٧ - ١٩٨ والمغني لابن قدامة ٥ / ٦٥ و ٦٦.