للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بِالْحُكْمِيَّةِ عَلَى خِلاَفِ الأَْصْل فَيَقْتَصِرُ فِيهَا عَلَى الْعَمَل الْمُتَّصِل، وَكَذَلِكَ مَنْ خَلَعَ خُفَّيْهِ وَشَرَعَ فِي غَسْل رِجْلَيْهِ (١) .

وَأَمَّا الشَّافِعِيَّةُ فَقَدْ قَال عِزُّ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ السَّلاَمِ: الإِْيمَانُ وَالنِّيَّاتُ وَالإِْخْلاَصُ يَنْقَسِمُ إِلَى حَقِيقِيٍّ وَحُكْمِيٍّ، وَالنِّيَّةُ الْحَقِيقِيَّةُ مَشْرُوطَةٌ فِي أَوَّل الْعِبَادَاتِ دُونَ اسْتِمْرَارِهَا، وَالْحُكْمِيَّةُ كَافِيَةٌ فِي اسْتِمْرَارِهَا (٢) .

وَنَصَّ الْحَنَابِلَةُ - كَمَا قَال ابْنُ قُدَامَةَ - عَلَى أَنَّ الْوَاجِبَ اسْتِصْحَابُ حُكْمِ النِّيَّةِ دُونَ حَقِيقَتِهَا، بِمَعْنَى أَنَّهُ لاَ يَنْوِي قَطْعَهَا، وَلَوْ ذَهَل عَنْهَا وَعَزَبَتْ عَنْهُ فِي أَثْنَاءِ الصَّلاَةِ لَمْ يُؤَثِّرْ ذَلِكَ فِي صِحَّتِهَا؛ لأَِنَّ التَّحَرُّزَ مِنْ هَذَا غَيْرُ مُمْكِنٍ، وَلأَِنَّ النِّيَّةَ لاَ تُعْتَبَرُ حَقِيقَتُهَا فِي أَثْنَاءِ الْعِبَادَةِ بِدَلِيل الصَّوْمِ وَغَيْرِهِ (٣) .

نِيَّةُ التَّقَرُّبِ وَنِيَّةُ التَّمْيِيزِ:

٣٦ - قَسَّمَ الشَّافِعِيَّةُ - كَمَا قَال الزَّرْكَشِيُّ - النِّيَّةَ إِلَى نِيَّةِ التَّقَرُّبِ وَنِيَّةِ التَّمْيِيزِ.

فَالأُْولَى: تَكُونُ فِي الْعِبَادَاتِ، وَهِيَ


(١) الذخيرة ١ / ٢٤٩، ٢٥٠، ومواهب الجليل ١ / ٢٣٣.
(٢) قواعد الأحكام ١ / ١٧٥ - ١٧٦.
(٣) المغني ١ / ٤٦٧، وكشاف القناع ١ / ٣١٦.