للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التَّمْيِيزِ يُنَافِي اتِّحَادَ الصَّفْقَةِ: بِدَلِيل أَنَّ لِلْمُشْتَرِي حِينَئِذٍ أَنْ يَقْبَل الْبَيْعَ فِي نَصِيبِ وَاحِدٍ، وَيَرْفُضَهُ فِي نَصِيبِ الآْخَرِ، مُعْتَذِرًا بِأَنَّ هَذَا الثَّمَنَ أَوْ ذَاكَ الْوَصْفَ لاَ يُنَاسِبُهُ. وَيَتَرَتَّبُ عَلَى عَدَمِ اتِّحَادِ الصَّفْقَةِ أَنْ لاَ يَكُونَ الدَّيْنُ مُشْتَرَكًا. إِلاَّ أَنَّهُ فِي حَالَةِ التَّمْيِيزِ بِبَيَانِ تَفَاضُل الاِسْتِحْقَاقَيْنِ، إِذَا زَال التَّفَاضُل بِاسْتِيفَاءِ الزِّيَادَةِ عَادَ الدَّيْنُ مُشْتَرَكًا.

وَزَادَ صَاحِبُ النِّهَايَةِ أَنَّهُ يَنْبَغِي اشْتِرَاطُ أَنْ لاَ يَكُونَ التَّمْيِيزُ فِي الْمِقْدَارِ أَوِ الصِّفَةِ قَائِمًا أَصْلاً، وَإِنْ لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ فِي الْعَقْدِ (١) .

قَبْضُ الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ:

١٤ - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ، وَالْحَنَابِلَةُ فِي رِوَايَةٍ، وَهُوَ مُقْتَضَى مَذْهَبِ الْمَالِكِيَّةِ إِلَى أَنَّ كُل دَيْنٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَ اثْنَيْنِ مَثَلاً، إِذَا قَبَضَ أَحَدُهُمَا مِنْهُ شَيْئًا - وَلَوْ كَانَ الْمُؤَدِّي كَفِيل الْمَدِينِ، أَوْ مُحَالاً عَلَيْهِ مِنْ قِبَلِهِ فَهُوَ مَقْبُوضٌ عَنِ الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ، فَيَكُونُ مُشْتَرَكًا، وَلِلَّذِي لَمْ يَقْبِضْ - وَيُسَمُّونَهُ الشَّرِيكَ السَّاكِتَ - أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْقَابِضِ، بِنِسْبَةِ حِصَّتِهِ فِي الدَّيْنِ، كَمَا أَنَّ لَهُ أَنْ يَتْرُكَ لِلْقَابِضِ مَا قَبَضَ لِيَتَمَلَّكَهُ، وَيَرْجِعَ هُوَ بِحِصَّتِهِ فِيهِ عَلَى الْمَدِينِ رُجُوعًا مُقَيَّدًا بِعَدَمِ التَّوَى، حَتَّى


(١) تبيين الحقائق ٥ / ٤٥، والعناية على الهداية مع فتح القدير ٧ / ٤٧.