للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ب - مَشْرُوعِيَّةُ الْمُبَاهَلَةِ

٣ - قَال ابْنُ عَابِدِينَ: الْمُبَاهَلَةُ بِمَعْنَى الْمُلاَعَنَةِ مَشْرُوعَةٌ فِي زَمَانِنَا (١) وَقَدْ وَرَدَتِ الْمُبَاهَلَةُ فِي الأَْصْل فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّ مَثَل عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَل آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَال لَهُ كُنْ فَيَكُونُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلاَ تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُل تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِل فَنَجْعَل لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ} حَيْثُ نَزَلَتْ هَذِهِ الآْيَاتُ بِسَبَبِ وَفْدِ نَجْرَانَ حِينَ لَقَوْا نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلُوهُ عَنْ عِيسَى فَقَالُوا: كُل آدَمِيٍّ لَهُ أَبٌ فَمَا شَأْنُ عِيسَى لاَ أَبَ لَهُ (٢) وَرُوِيَ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ لَمَّا دَعَا أُسْقُفَّ نَجْرَانَ وَالْعَاقِبَ إِلَى الإِْسْلاَمِ قَالُوا: قَدْ كُنَّا مُسْلِمِينَ قَبْلَكَ فَقَال: كَذَبْتُمَا مَنَعَ الإِْسْلاَمَ مِنْكُمَا ثَلاَثٌ: قَوْلُكُمَا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا، وَسُجُودُكُمَا لِلصَّلِيبِ، وَأَكْلُكُمَا الْخِنْزِيرَ، قَالاَ: مَنْ أَبُو عِيسَى؟ فَلَمْ يَدْرِ مَا يَقُول فَأَنْزَل اللَّهُ تَعَالَى: {إِنَّ مَثَل عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَل آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ} إِلَى قَوْلِهِ {فَنَجْعَل لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ} فَدَعَاهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ


(١) ابن عابدين ٢ / ٥٤١، ٥٨٩.
(٢) حديث: " وفد نجران حين لقوا نبي الله صلى الله عليه وسلم. . . ". أخرجه ابن جرير في تفسيره (٦ / ٤٦٩ - ط. دار المعارف) من حديث قتادة مرسلاً.