للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالشَّافِعِيَّةُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلاَمِ الْخِرَقِيِّ، وَرِوَايَةُ الْمَرْوَزِيِّ عَنْ أَحْمَدَ (١) .

الْقَوْل الثَّانِي: أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْحَالِفِ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ، وَبِهِ قَال أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ، قَال الْقَاضِي: وَهِيَ الصَّحِيحَةُ وَهُوَ قَوْل مُحَمَّدٍ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ (٢) .

وَقَدِ اسْتَدَل الْقَائِلُونَ بِتَعَدُّدِ الْكَفَّارَاتِ بِأَنَّهُنَّ أَيْمَانٌ لاَ يَحْنَثُ فِي إِحْدَاهُنَّ بِالْحِنْثِ فِي الأُْخْرَى، فَلَمْ تُتَكَفَّرْ إِحْدَاهَا بِكَفَّارَةِ الأُْخْرَى، كَمَا لَوْ كَفَّرَ عَنْ إِحْدَاهَا قَبْل الْحِنْثِ فِي الأُْخْرَى، وَكَالأَْيْمَانِ الْمُخْتَلِفَةِ الْكَفَّارَةِ، وَبِهَذَا فَارَقَ الأَْيْمَانَ عَلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ، فَإِنَّهُ مَتَى حَنِثَ فِي إِحْدَاهَا كَانَ حَانِثًا فِي الأُْخْرَى، فَإِنْ كَانَ الْحِنْثُ وَاحِدًا كَانَتِ الْكَفَّارَةُ وَاحِدَةً، وَهَاهُنَا تَعَدَّدَ الْحِنْثُ، فَتَعَدَّدَتِ الْكَفَّارَاتُ. وَفَارَقَ الْحُدُودَ فَإِنَّهَا وَجَبَتْ لِلزَّجْرِ وَتَنْدَرِئُ بِالشُّبُهَاتِ بِخِلاَفِ مَسْأَلَتِنَا، وَلأَِنَّ الْحُدُودَ عُقُوبَةٌ بَدَنِيَّةٌ، فَالْمُوَالاَةُ بَيْنَهَا رُبَّمَا أَفْضَتْ إِلَى التَّلَفِ فَاجْتُزِئَ بِإِحْدَاهَا، وَهَاهُنَا الْوَاجِبُ إِخْرَاجُ مَالٍ يَسِيرٍ أَوْ صِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ، فَلاَ يَلْزَمُ


(١) البحر الرائق شرح كنز الدقائق ٤ / ٣١٦، وحاشية رد المحتار على الدر المختار لابن عابدين ٣ / ٧١٤، والمدونة الكبرى ٣ / ١١٥، والتاج والإكليل لمختصر خليل ٣ / ٢٦٩، ٢٧٠، ومواهب الجليل للحطاب ٣ / ٢٧٩، ٢٨٠، ونهاية المحتاج ٨ / ١٨١، والمغني والشرح الكبير ١١ / ٢١٢.
(٢) المغني والشرح الكبير ١١ / ٢١٢، وكشاف القناع ٦ / ٢٤٤، وحاشية رد المحتار على الدر المختار ٣ / ٢١٤.