للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النُّفُوسِ مِمَّا لاَ تَحْتَمِل الإِْبَاحَةَ بِحَالٍ، وَإِذْنُهُ لاَ يُعْتَبَرُ؛ لأَِنَّ الْقِصَاصَ لِوَارِثِهِ لاَ لَهُ، وَلأَِنَّهُ أَسْقَطَ حَقًّا قَبْل وُجُوبِهِ (١) .

الثَّالِثُ:

١٥ - أَنَّ الْقَتْل فِي هَذِهِ الْحَال لَهُ حُكْمُ الاِنْتِحَارِ، فَلاَ قِصَاصَ عَلَى مَنْ قَتَلَهُ وَلاَ دِيَةَ. وَهَذَا مَذْهَبُ الْحَنَابِلَةِ، وَالأَْظْهَرُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، وَصَحَّحَهُ الْقُدُورِيُّ، وَهُوَ رِوَايَةٌ مَرْجُوحَةٌ فِي مَذْهَبِ مَالِكٍ.

أَمَّا سُقُوطُ الْقِصَاصِ فَلِلإِْذْنِ لَهُ فِي الْقَتْل وَالْجِنَايَةِ، وَلأَِنَّ صِيغَةَ الأَْمْرِ تُورِثُ شُبْهَةً، وَالْقِصَاصُ عُقُوبَةٌ مُقَدَّرَةٌ تَسْقُطُ بِالشُّبْهَةِ.

وَأَمَّا سُقُوطُ الدِّيَةِ فَلأَِنَّ ضَمَانَ نَفْسِهِ هُوَ حَقٌّ لَهُ فَصَارَ كَإِذْنِهِ بِإِتْلاَفِ مَالِهِ، كَمَا لَوْ قَال: اقْتُل دَابَّتِي فَفَعَل فَلاَ ضَمَانَ إِجْمَاعًا، فَصَحَّ الأَْمْرُ، وَلأَِنَّ الْمُورَثَ أَسْقَطَ الدِّيَةَ أَيْضًا فَلاَ تَجِبُ لِلْوَرَثَةِ.

وَإِذَا كَانَ الآْمِرُ أَوِ الآْذِنُ مَجْنُونًا أَوْ صَغِيرًا فَلاَ يُسْقِطُ إِذْنُهُ شَيْئًا مِنَ الْقِصَاصِ وَلاَ الدِّيَةِ، لأَِنَّهُ لاَ اعْتِبَارَ بِإِذْنِهِمَا (٢) .

١٦ - لَوْ قَال: اقْطَعْ يَدِي، فَإِنْ كَانَ لِمَنْعِ السِّرَايَةِ كَمَا إِذَا وَقَعَتْ فِي يَدِهِ آكِلَةٌ فَلاَ بَأْسَ بِقَطْعِهِ اتِّفَاقًا.

وَإِنْ كَانَ لِغَيْرِ ذَلِكَ فَلاَ يَحِل، وَلَوْ قَطَعَ بِإِذْنِهِ فَلَمْ يَمُتْ مِنَ الْقَطْعِ فَلاَ قِصَاصَ وَلاَ دِيَةَ عَلَى الْقَاطِعِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ؛ لأَِنَّ الأَْطْرَافَ يُسْلَكُ بِهَا مَسْلَكُ


(١) ابن عابدين ٥ / ٣٥٢، والبدائع ٧ / ٢٣٦، والوجيز للغزالي ٢ / ١٢٣، والشرح الصغير ٤ / ٣٣٦، والشرح الكبير للدردير ٤ / ٢٤٠
(٢) شرح منتهى الإرادات ٣ / ٢٧٥، وكشاف القناع ٥ / ٥١٨، والزيلعي ٥ / ٠ ٩ ١، والبدائع ٧ / ٢٣٦، ونهاية المحتاج ٧ / ٢٤٨، ٢٩٦، ومواهب الجليل ٦ / ٢٣٥، ٢٣٦