للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أ - مَكَانُ النَّفْيِ فِي الزِّنَا:

١٣ - قَال الْحَنَفِيَّةُ: إِنَّ النَّفْيَ فِي الزِّنَا لِغَيْرِ الْمُحْصَنِ هُوَ سِيَاسَةٌ وَتَعْزِيرٌ إِنْ رَآهُ الْحَاكِمُ، وَمَكَانُ النَّفْيِ هُوَ الْحَبْسُ بِالسَّجْنِ؛ لأَِنَّهُ أَسْكَنُ لِلْفِتْنَةِ مِنَ التَّغْرِيبِ، وَلأَِنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ إِقَامَةِ الْحَدِّ هُوَ الْمَنْعُ مِنَ الْفَسَادِ، وَفِي التَّغْرِيبِ فَتْحٌ لِبَابِ الْفَسَادِ، وَفِيهِ نَقْضٌ وَإِبْطَالٌ لِلْمَقْصُودِ مِنَ النَّفْيِ شَرْعًا، وَلِذَلِكَ يُحْبَسُ حَتَّى تَظْهَرَ تَوْبَتُهُ (١) .

وَقَال الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَبَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ: يَتِمُّ النَّفْيُ مِنَ الْبَلَدِ الَّذِي حَدَثَ فِيهِ الزِّنَا، وَيُغَرَّبُ الزَّانِي إِلَى بَلَدٍ آخَرَ، دُونَ حَبْسِ الْمُغرَّبِ فِي الْبَلَدِ الَّذِي نُفِي إِلَيْهِ وَلاَ يُعْتَقَل هُنَاكَ، وَلَكِنْ يُحْفَظُ بِالْمُرَاقَبَةِ لِئَلاَّ يَرْجِعَ إِلَى بَلَدِهِ، فَإِنِ احْتِيجَ إِلَى الاِعْتِقَال وَالْحَبْسِ خَوْفًا مِنْ رُجُوعِهِ اعْتُقِل (٢) ، وَقَالُوا: يُخْرَجُ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ بِالنَّفْيِ فِي الزِّنَا إِلَى مَسَافَةِ قَصْرٍ فَمَا فَوْقَهَا، لأَِنَّ مَا دُونَهَا فِي حُكْمِ الْحَضَرِ لِتَوَصُّل الأَْخْبَارِ فِيهَا إِلَيْهِ، وَالْمَقْصُودُ إِيحَاشُهُ بِالْبُعْدِ عَنِ الأَْهْل وَالْوَطَنِ، وَقَدْ غَرَّبَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِلَى الشَّامِ، وَغَرَّبَ عُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ


(١) حاشية ابن عابدين ٤ / ١٤، والمبسوط للسرخسي ٩ / ٤٥.
(٢) روضة الطالبين ١٠ / ٨٩، وكشاف القناع ٦ / ٩٢، وفتح القدير ٤ / ١٣٦.