للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَوَّلُهُمَا: يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ فِي حَالَةِ إِصْرَارِ الزَّوْجِ عَلَى عَدَمِ قُرْبَانِ زَوْجَتِهِ الَّتِي آلَى مِنْهَا، حَتَّى تَمْضِيَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ مِنْ تَارِيخِ الإِْيلاَءِ.

وَثَانِيهِمَا: يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ فِي حَالَةِ حِنْثِهِ فِي الْيَمِينِ الَّتِي حَلَفَهَا (١) .

أ - حَالَةُ الإِْصْرَارِ:

١٧ - إِذَا أَصَرَّ الْمُولِي عَلَى تَرْكِ قُرْبَانِ زَوْجَتِهِ الَّتِي حَلَفَ أَلاَّ يَقْرَبَهَا كَانَ إِصْرَارُهُ هَذَا دَاعِيًا إِلَى الْفُرْقَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ زَوْجَتِهِ؛ لأَِنَّ فِي هَذَا الاِمْتِنَاعِ إِضْرَارًا بِالزَّوْجَةِ، فَحِمَايَةً لَهَا مِنْ هَذَا الضَّرَرِ، يَكُونُ لَهَا الْحَقُّ فِي مُطَالَبَتِهِ بِالْعَوْدَةِ إِلَى مُعَاشَرَتِهَا. فَإِنْ لَمْ يَعُدْ إِلَى مُعَاشَرَتِهَا حَتَّى مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ فَهَل يَقَعُ الطَّلاَقُ بِمُجَرَّدِ مُضِيِّهَا؟

يَرَى الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: أَنَّ الطَّلاَقَ لاَ يَقَعُ بِمُضِيِّ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، بَل لِلزَّوْجَةِ أَنْ تَرْفَعَ الأَْمْرَ إِلَى الْقَاضِي، فَيَأْمُرُ الزَّوْجُ بِالْفَيْءِ، أَيِ الرُّجُوعِ عَنْ مُوجِبِ يَمِينِهِ، فَإِنْ أَبَى الْفَيْءَ أَمَرَهُ بِتَطْلِيقِهَا، فَإِنْ لَمْ يُطَلِّقْ طَلَّقَهَا عَلَيْهِ الْقَاضِي (٢) .

وَيَرَى فُقَهَاءُ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّ الطَّلاَقَ يَقَعُ بِمُجَرَّدِ مُضِيِّ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، وَلاَ يَتَوَقَّفُ عَلَى رَفْعِ الأَْمْرِ إِلَى الْقَاضِي، وَلاَ حُكْمٍ مِنْهُ بِتَطْلِيقِهَا. وَذَلِكَ جَزَاءً لِلزَّوْجِ عَلَى الإِْضْرَارِ بِزَوْجَتِهِ وَإِيذَائِهَا بِمَنْعِ حَقِّهَا الْمَشْرُوعِ.

وَالْحِكْمَةُ الشَّرْعِيَّةُ فِي إِمْهَالِهِ هَذِهِ الْمُدَّةَ الْمُحَافَظَةُ


(١) البدائع ٣ / ١٧٦.
(٢) الخرشي ٣ / ٢٣٨، والشرح الكبير مع حاشية الدسوقي ٢ / ٤٣٦، ومغني المحتاج ٣ / ٣٤٨ وما بعدها، والمغني لابن قدامة ٧ / ٣١٨ وما بعدها.