للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(خَامِسًا) وَلأَِنَّ السَّبَبَ هُوَ الْمَال النَّامِي تَحْقِيقًا أَوْ تَقْدِيرًا بِالاِتِّفَاقِ، لِلاِتِّفَاقِ عَلَى أَنَّ مَنْ مَلَكَ مِنَ الْجَوَاهِرِ النَّفِيسَةِ مَا تُسَاوِي آلاَفًا مِنَ الدَّنَانِيرِ وَلَمْ يَنْوِ فِيهَا التِّجَارَةَ، لاَ تَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ. وَوِلاَيَةُ إِثْبَاتِ حَقِيقَةِ التِّجَارَةِ بِالْيَدِ، فَإِذَا فَاتَتِ انْتَفَى تَصَوُّرُ الاِسْتِنْمَاءِ تَحْقِيقًا، فَانْتَفَى تَقْدِيرًا، لأَِنَّ الشَّيْءَ إِنَّمَا يُقَدَّرُ تَقْدِيرًا إِذَا تُصُوِّرَ تَحْقِيقًا، وَعَلَى هَذَا انْتَفَى فِي النَّقْدَيْنِ - أَيْضًا - لاِنْتِفَاءِ نَمَائِهِمَا التَّقْدِيرِيِّ بِانْتِفَاءِ تَصَوُّرِ التَّحْقِيقِيِّ بِانْتِفَاءِ الْيَدِ، فَصَارَ بِانْتِفَائِهِمَا كَالتَّاوِي، فَلِذَلِكَ لَمْ تَجِبْ صَدَقَةُ الْفِطْرِ عَنِ الآْبِقِ، وَإِنَّمَا جَازَ عِتْقُهُ عَنِ الْكَفَّارَةِ، لأَِنَّ الْكَفَّارَةَ تَعْتَمِدُ مُجَرَّدَ الْمِلْكِ، وَبِالإِْبَاقِ وَالْكِتَابَةِ لاَ يُنْتَقَصُ الْمِلْكُ أَصْلاً، بِخِلاَفِ مَال ابْنِ السَّبِيل لِثُبُوتِ التَّقْدِيرِيِّ فِيهِ، لإِِمْكَانِ التَّحْقِيقِيِّ إِذَا وَجَدَ نَائِبًا (١) .

الْقَوْل الثَّالِثُ:

١٥ - ذَهَبَ مَالِكٌ - فِي الْمَشْهُورِ عَنْهُ - وَالأَْوْزَاعِيُّ وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ إِلَى أَنَّ عَلَى مَالِكِهِ أَنْ يُزَكِّيَهُ لِسَنَةٍ وَاحِدَةٍ إِذَا قَبَضَهُ (٢) .


(١) فتح القدير (الميمينة ١٣١٩ هـ) ٢ / ١٢٣.
(٢) الإشراف للقاضي عبد الوهاب ١ / ١٦٦، منح الجليل ١ / ٣٥٦، شرح الزرقاني على خليل ٢ / ١٥٨، المقدمات الممهدات لابن رشد ص ٢٢٩، المنتقى للباجي ٢ / ١١٣، القوانين الفقهية ص ١١٠ (ط. الدار العربية للكتاب) شرح الموطأ للزرقاني ٢ / ١٠٦، المغني ٣ / ٤٧، الأموال لأبي عبيد ص ٥٩٠، الأموال لابن زنجويه ٣ / ٩٥٦، المصنف لابن أبي شيبة ٣ / ٢٠٢.