للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَنَّ مِنَ الْمَصْلَحَةِ عَدَمَ تَقْسِيمِ الأَْرَاضِي الْمَفْتُوحَةِ عَنْوَةً، وَوَقْفَهَا عَلَى جَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ وَضَرْبَ الْخَرَاجِ عَلَيْهَا. وَأَهَمُّ مَا تَقْضِي بِهِ الْمَصْلَحَةُ فِي ذَلِكَ.

أ - تَأْمِينُ مَوْرِدٍ مَالِيٍّ ثَابِتٍ لِلأُْمَّةِ الإِْسْلاَمِيَّةِ

بِأَجْيَالِهَا الْمُتَعَاقِبَةِ وَمُؤَسَّسَاتِهَا الْمُخْتَلِفَةِ:

نَظَرَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِلَى مُسْتَقْبَل الأُْمَّةِ الإِْسْلاَمِيَّةِ وَأَجْيَالِهَا الْقَادِمَةِ، فَرَأَى أَنَّ كَثِيرًا مِنْهَا سَيَقَعُ فِي شَظَفِ الْعَيْشِ وَالْحِرْمَانِ، إِذَا مَا قُسِمَتْ تِلْكَ الأَْرَاضِي الْمَفْتُوحَةُ عَنْوَةً وَوُزِّعَتْ عَلَى الْفَاتِحِينَ. وَلِهَذَا رَأَى عَدَمَ التَّقْسِيمِ، وَوَقَفَ الأَْرَضِينَ، وَضَرَبَ الْخَرَاجَ عَلَيْهَا لِيَكُونَ مَوْرِدًا مَالِيًّا ثَابِتًا لِلأَْجْيَال الْقَادِمَةِ.

وَقَال: لَوْلاَ أَنْ أَتْرُكَ آخِرَ النَّاسِ بَبَّانًا (١) لَيْسَ لَهُمْ مِنْ شَيْءٍ مَا فُتِحَتْ عَلَيَّ قَرْيَةٌ إِلاَّ قَسَمْتُهَا كَمَا قَسَمَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْبَرَ، وَلَكِنْ أَتْرُكُهَا خِزَانَةً لَهُمْ (٢) .

ب - تَوْزِيعُ الثَّرْوَةِ وَعَدَمُ حَصْرِهَا فِي فِئَةٍ مُعَيَّنَةٍ:

كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ قَوْله تَعَالَى: {كَيْ لاَ يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الأَْغْنِيَاءِ مِنْكُمْ} (٣)

وَقَدْ أَشَارَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَلَى


(١) الخراج لأبي يوسف ص ٢٤ وبيانا - أي معدما لا شيء له.
(٢) نيل الأوطار للشوكاني ٨ / ١٨ - مطبعة الحلبي بالقاهرة.
(٣) سورة الحشر / ٧.